حسان الطيار يكتب: المطلب الأساس للإنسان، بل لكل كائن حي

في حياة كل منا مطالب كثيرة، وأمانٍ كثيرة، تختلف من إنسان لآخر، ولكننا نشترك في بعض منها ليتشكل من تلك المطالب المتفق عليها، أساس المطالب الإنسانية.
ذات الحال نجده في جميع الكائنات الحية، سواءً كانت حيواناً أو طيراً أو حتى نباتاً.
فالشجرة تطلب الماء والغذاء، تطلب الرعاية، ولكن أهم طلب هو أمانها من صاحبها لتكون معطاءة له، ذلك الأمان الذي يتجسد في رعايته الحقيقة لها وليس رعاية الواجب فقط.
ذات الحال نجده في كل ما حولنا من كائنات حية، فعلى سبيل المثال، نجد أن القطط والكلاب وغيرها، إن شعرت بالأمان من الإنسان، أقبلت عليه طائعة، لا تكمن في داخلها الغدر به، فيأتي الطعام والشراب والرعاية بها فروع لأصل الأمان.
عوداً للإنسان، أعظم الكائنات التي خلقها الله تعالى وسخر بقية كائناته له.
حينما يطلب الإنسان الجنة، لا يطلبها لنعيمها في المقام الأول، وإنما يطلبها للأمان الذي فيها، والبعد عن النار التي تروع فؤاده. ومن أمان الجنة، ما فيها من نعيم، وأعظم النعيم الذي فيها، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن قبله -فدته روحي- الله تبارك وتعالى ورؤيته ورضوانه، وهو -جل جلاله- سنام، وقمة، وأعظم الأمان والنعيم.
وحينما يطلب الإنسان بيتاً يأويه، فهو لا يطلبه لمجرد السكن، وإنما يطلب الأمان لنفسه فيه، سواءً ممن يعيشون حوله في الشارع، أو من أحوال الطقس من برد وحر ورياح، أو حتى الأمان على جسده من أن يراه أحد إن تعرى حين يغير ملابسه أو يغسل جسده أو يقضي حاجته.
ذات الحال حينما يطلب الإنسان الدواء من الطبيب، فإنه يطلب الأمان لجسمه من الأمراض، وذات الحال حينما يلجأ للقضاء، فإنه يطلب الأمان لحقه، والأمثلة كثيرة.
المرأة، هذا الإنسان -ويخطئ من يسميها إنسانة، فلفظ إنسان يشمل الذكر والأنثى- الذي كرمه الإسلام بأجل تكريم ورفع قدرها بكل الأدلة بما لم تحظ به من قبل، إن سألت نفسك عن متطلباتها، وما هو المطلب الماسي في حياتها، فقد يخيل إليك أنه المال، أو المنزل، أو حتى عدم زواجك بأخرى تشاركها بك أو ما شابه ذلك، ولكن الحقيقة تمكن في أن أعظم ما تطلبه المرأة وتبحث عنه، هو أمان زوجها، وأن تعيش معه وهي آمنة على نفسها وجسدها ومشاعرها، آمنة على كرامتها من أن تمس من كائن من كان ولو بكلمة أو عبارة، بل وحتى على علاقتها بأهلها، وأمومتها مع أبنائها، فهي حينما انتقلت من بيت أبيها الذي كانت تثق كل الثقة بأنها في أمان دائم ممن يقدم نفسه وروحه من أجلها، ويرعاها ويدافع عنها قولاً وفعلاً وعملاً ويرعى أحاسيسها ومشاعرها التي تشكل جلها، لتكون في بيت زوجها، فهي تظل طول حياتها تبحث عمن يسد ذلك الأمان ويعوضها عنه.
حينما تصل المرأة إلى الأمان الحقيقي من زوجها، الذي -إن لم يساوِ- يقارب أمان أبيها، ويحاول الوصول إليه، والمثابرة على رعايته، فإنه من الثابت الذي لا يدع مجالاً للشك، أن الرجل آنذاك سيملك قلبها وعقلها وحياتها، بل حتى أنفاسها، لأن المرأة -وأقصد المرأة الحقيقية وليست المستمرأة إن جاز التعبير- بطبيعتها العاطفية المعطاءة لا يمكن أن تتوانى قط عن أن تقدم لمن قدم لها ذلك الأمان، عمرها وحياتها.
لو تأملنا العالم من حولنا، سنجد أنه ما من أرض ولا دولة افتقرت للأمان إلا وقُلبت حياة سكانها دماراً وخراباً وألماً وحزناً. فحينما يفتقر الإنسان للأمان في وطنه، يفقد معه كل شيء، ومنها القدرة على تسيير أعماله التجارية والزراعية والصناعية والطبية وغيرها، وكل تلك تنعكس بشكل فوري وأصيل على حياة السكان، فلا ترى طعاماً ولا شراباً، ولا قوتاً ولا علاجاً، بل وزد عليها الخوف القاتل على النفس والعرض، ومن السلب والنهب، والقتل والتشريد، وكل ذلك رأيناه في كل أرض عربية أبكت قلوبنا بما حدث فيها مما سمي زيفاً بالربيع العربي، وما هو إلا خريف عبري أوروبي أمريكي وجه لسحق أوطاننا.
ويظل الأمان هو المطلب الأساس للإنسان ولكل كائن حي.
أقرب الأخوة والأبناء لقلب المرأة، هو المستأسد في الدفاع عنها.
أمِّنُوا نسائكم، تملكون قلوبهن وحياتهن وأرواحهن.
المرأة إن أمنت واستأمنت، قدمت كلها لزوجها على طبق من ذهب مرصع بالماس.
حافظوا على أوطانكم فإن ضاع الأمان ضاع معه كل شيء.

حسان الطيار

كاتب وشاعر سعودي.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون