تقول العرب: (زَنَّ العَصَبُ) إذا يَبِسَ، و(زَنَّ الرَّجُلُ) إذا اِسْتَرْخَتْ مَفاصِلُهُ، و(زَنَّ بَوْلَهُ) إذا حَبِسَهُ، ومن جميل ما قالت العرب: (زَنَّت) إذا صوَّتت وطنطنت، وهذا أقرب حال باتت عليه آذان العرب من أفراد ينسبون لمصر، التي تُعرف بمنارة الفن العربي، ويبدو أن سقوطها -لا قدر الله- سيكون على أيادي أصحاب أسماء السوابق والبلطجية إن جاز التعبير -وأعني الأسماء لا أصحابها- ومن يقف ورائهم من مدعي الوطنية من أصحاب رؤوس الأموال، إن لم يبقَ رجالات مصر وقادة فنها، من أمثال أمير الغناء العربي هاني شاكر، وأسطورة التلحين والموسيقى العربية حلمي بكر على ما هم عليه من حزم وتصدٍ لهذا النشاز الصوتي والشذوذ الغنائي.
أجزم أن لو تقدم للتوظيف لكل محترم ومحترمة وواعٍ وواعية من أصحاب الأعمال، أسماء -وأعني الأسماء لا المتسمين بها- كـ(حمو وشاكوش وكزبرة وشطة وطاطا وبيكا وموزة وطيخة وريشا وشواحة والقائمة تطول، وزد عليهم (العصابة) و(الكعب العالي)، لرُفض الطلب على الفور من واقع الاسم فقط ودون النظر لملف المتقدم، فكما يقال في المثل المصري: (الجواب بيبان من عنوانه)، فإن من يقبل أن يسمي نفسه مثل هذه المسميات، فإنه لموزعي المخدرات والبلطجية وأصحاب السوابق أقرب، فهل بات يُغض الطرف عنها اليوم، لكونها تطلق على من يسمي نفسه اليوم زيفاً وبهتاناً بـ(مطرب مهرجانات)!
لم يقف الزيف عند أهل النشاز الصوتي والشذوذ الغنائي بنسب أنفسهم زوراً وبهتاناً للفن، بل تجاوز ذلك بادعاء كل منهم بأنه (مُطْرِبْ) وهو اسم فاعل لـ(طَرَبَ)، ويعني في قاموس اللغة: (مُثير للطَّرَب، حَسَن الوَقْع في الأُذُن، رخيم، عَذْب، مُحْتَرِف الغِناء، مُغَنٍّ حسنُ الصَّوت والأَداء) وهذا أبعد ما تكون عليه أصوات أصحاب تلك الأسماء. وزاد على ذلك بأن ينسب نفسه لـ(مهرجانات) ومفردها (مَهْرَجَان)، وتعني في قاموس اللغة: (اِحْتفال عَظيم، حاشد، عِيد مَوسِميّ، حفلة اِبْتِهاج) وهي كلمة فارسية مركبة من (مهر) وتعني ملك النور، و(جان) وهي أداة النِّسبة، ومن ذلك جاءت (مهرجان خطابي، ومهرجان السينما السنوي، ومهرجان الفن العربي ومهرجان الورود) وغيرها من المناسبات الفخيمة، مما يبين لنا أن الزيف لم يقف عند ادعاء المعرفة بالفن وأصوله، وإنما امتد لوصف الذات بالطرب، وهو البريء من ذلك المدعي، وللمهرجانات التي لا تبت لأمثال هؤلاء بصلة.
لكم نهض الموسيقار الكبير الأستاذ حلمي بكر محذراً من هذا النشاز الصوتي والشذوذ الغنائي، وأوضح مراراً وتكراراً -حتى سمع صوته عنان القنوات الفضائية- أن ما يُقدم من كلمات هابطة وألحان -إن جاز التعبير غير رزينة- بعيدة كل البعد عن الفن، إنما تمثل خطراً حقيقياً على مصر خاصة باعتبارها رائدة منارة الفن العربي، والعرب عامة، وناشد كثيراً أهل القرار، أن من يدعون انتسابهم للغناء إنما الجل الأعظم منهم بعيد عن ذلك، وسيسقطون من أول اختبار للصوت، وأول أداء بعيداً عن اللواقط الصوتية (المايكات)، وأن تسمية عبثهم بالموسيقى والفن إنما هو ضرب من الجنون.
إن المدقق في هذه الظاهر التي لوثت الفن والذوق العام والسمع والبصر والقيم والأخلاق سيجد كل هؤلاء لا ينتقون إلا أسقط الكلمات التي يعتبرونها شعراً غنائياً وهو الذي لا يبت للأدب ولا للشعر بصلة قط، تلك التي تدعو في جلها إلى انحطاط الأخلاق ونشر السفه والرذيلة والقضاء على التربية.
ليس من أحد من نقابة المهن الموسيقية ولا التمثيلية ولا المستمعين من أهل الذوق ضد هؤلاء الشباب، وإنما الجميع ضد الكلمات الهابطة، والأسماء التي تدعو للسخرية، والأصوات التي لا تعرف أبجديات الغناء، والأخلاق التي يسير بها بعض هؤلاء الأقرب للبلطجية وموزعي المخدرات وأرباب السوابق، واثقين أن طريق الفن والغناء سيظل معبداً بالورود لمن عرف الطريق الصحيح، فدرس وتعلم ثم اختار وانتقى وأدى بما ينشر رسالة محبة أو يدعو لخلق أو يغرد بصوت يطرب له الجميع.
آخر المقالات من عرب تريبيون
تشتهر شركة Nanoleaf بإضاءة المنزل الذكية الملونة، ولكن في معرض CES 2025 للتكنولوجيا في لاس فيغاس،
بقلب مفطور، عبرت النجمة الأمريكية باريس هيلتون عن حزنها الشديد، بعد مشاهدة منزلها في ماليبو يحترق
تداول نشطاء سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً تظهر قميصاً موقعاً من نجم منتخب الأرجنتين، ليونيل
كشفت وسائل إعلام مصرية عن المقابل المادي الذي حصل عليه النادي الأهلي نظير بيع أحد أهم
طالبت منظمة الصحة العالمية باتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لتيسير وصول طواقمها لمستشفى “العودة” في قطاع غزة