تلوح بوادر أمل وتفاؤل حذر من مفاوضات جدة غير المباشرة بين طرفي الصراع في السودان، في غمرة أنباء متواترة تشير إلى أن المفاوضات باتت قريبة جدا من التوصل لاتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار لمدة شهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ونقل عن مسؤولين رفيعي المستوى بالاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة قولهم، إن طرفي الصراع على وشك التوقيع على إعلان مشترك، من شأنه أن يسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى العاصمة السودانية ، مع احتمالية نشر قوات من الاتحاد الأفريقي لتأمين مطار المدينة ، مشيرين إلى أن الاتفاق أصبح في مراحله الأخيرة، وقد يوفر إطارا لنقل المساعدات جوا إلى الخرطوم، حيث تنشب اشتباكات بين الجانبين منذ نحو شهر.
وقال محمد الحسن ولد لبات، وهو كبير مستشاري رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه، إن المناقشات جارية بشأن كيفية قيام قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، بتأمين مطار الخرطوم الذي تضرر للغاية بسبب المعارك.
وكشفت تسريبات من مفاوضات جدة التي تجرى منذ السبت الماضي بوساطة سعودية أمريكية، أن الاتفاق المبدئي الذي قبله الجانبان، يتضمن: وقف إطلاق النار لمدة شهر، وإيقاف القصف الجوي، على أن تكون كل قوة في مكان تواجدها، وفتح الممرات الآمنة لإفساح المجال لعمليات الإغاثة والمستشفيات وفتح الأسواق وعودة الكهرباء والماء، وفتح مطار الخرطوم ووجود قوة مشتركة سعودية أمريكية لتأمينه، كما يقضي الاتفاق المبدئي أن تستمر خلال شهر الهدنة، المباحثات بين الطرفين بمشاركة القوى المدنية والرباعية والثلاثية للوصول لاتفاق نهائي، وسحب كل القوات المسلحة للطرفين من العاصمة.
ونقلت تقارير إعلامية عن مراقبين لمفاوضات جدة القول، إن ممثلي الجيش السوداني حددوا شروطا لتثبيت الهدنة تتضمن: خروج قوات الدعم السريع من الأحياء السكنية، وإزالة عشرات من نقاط الارتكاز التي نشرتها، والانسحاب من وسط الخرطوم والمؤسسات المدنية والخدمية التي سيطرت عليها، وأبرزها مركز التحكم الرئيسي للكهرباء ومصفاة الجيلي لتكرير النفط في شمال الخرطوم بحري، وأضاف المراقبون أن شروط الجيش شملت أيضا تجميع قوات الدعم السريع بعد انسحابها في معسكر واحد يوافق الجيش على مسافته من العاصمة، وذلك إلى حين الاتفاق على خطوات دمجها في المؤسسة العسكرية، وتعهد بعدم التعرض إلى القوات المنسحبة.
وفي شأن المساعدات الإنسانية، أوضحت التقارير الإعلامية أن الجيش السوداني رحب بأي مساعدات دعم إنساني، غير أنه طالب بموافقة الحكومة مسبقا على محتوياتها حتى لا تتسرب عبرها أي مواد محظورة، وتحديد آلية تشرف عليها مفوضية العون الإنساني، والتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الطوعية الوطنية لتوزيعها على المتضررين.
وفي المقابل، سلم وفد الدعم السريع الوسطاء قائمة طالب فيها بمراقبة دولية لعملية انسحابهم من المؤسسات والمواقع المدنية، والسماح بتجميع قواتهم وآلياتهم ومركباتهم العسكرية في القواعد التي كانوا فيها قبل منتصف أبريل الماضي أي موعد اندلاع المواجهات، والبقاء في المواقع العسكرية والسيادية التي يوجدون فيها حاليا، وعلاج جرحاهم في مستشفيات محددة، والسماح بسفر من يحتاجون علاجا إلى خارج البلاد.
وشملت مطالب الدعم السريع أيضا استمرار سداد استحقاقات ورواتب قوات الدعم السريع المالية من وزارة المالية، ووقف استخدام الطيران الحربي وتحريك قوات الجيش بعد الاتفاق على تثبيت الهدنة وفرض رقابة دولية بهذا الشأن، وضمانات بخروج آمن لقياداتهم إلى الوجهة التي يحددونها. وفي الجانب الإنساني، طالب ممثلو الدعم السريع بإشراكهم في تأمين وصول المساعدات الإنسانية وآلية توزيعها، وفق معايير وضوابط يتم التوافق عليها.
وقد نشطت واشنطن والرياض في الوساطة بين الجيش والدعم السريع خلال الأسبوعين الأخيرين، وقبل طرفا الصراع تمديد الهدنة ثلاث مرات، بطلب من الوسطاء، رغم أنها لم يتم الالتزام بها، مما دفع العاصمتين لدعوتهما إلى جدة، لتثبيت الهدنة وخلق مناخ إيجابي، بما يسمح بتطويرها لاحقا إلى وقف دائم لإطلاق النار برقابة دولية.
هذا وأعلنت الخارجية الأمريكية أن واشنطن أكدت للشركاء والحلفاء أنه لا حل عسكريا للأزمة في السودان، وأبلغت وكيلة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند الكونجرس بأن المفاوضين الأمريكيين المشاركين في محادثات جدة يشعرون بتفاؤل حذر بإمكان توصل الطرفين المتحاربين في السودان إلى هدنة مؤقتة جديدة، وقالت إن واشنطن تسعى أولا للتوصل لاتفاق على إعلان للمبادئ الإنسانية ثم وقف إطلاق النار لفترة طويلة تكفي لتسهيل توصيل الخدمات، التي تشتد الحاجة إليها، على نحو ثابت، مضيفة أن نجاح هذه المرحلة، سيسمح بمحادثات موسعة مع أطراف أخرى محلية وإقليمية ودولية من أجل وقف دائم للقتال، ومن ثم العودة إلى الحكم بقيادة مدنية مثلما يطالب الشعب السوداني منذ سنوات، وحذرت المسؤولة الأمريكية من أن واشنطن تدرس تحديد الأطراف التي ستشملها العقوبات بعد الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي، لفرض عقوبات مرتبطة بالسودان، وذلك في حالة رفض القائدين العسكريين السماح بتوزيع المساعدات الإنسانية وتجديد وقف إطلاق النار.
هذا وقد تسببت المعارك التي اندلعت في السودان منتصف أبريل الماضي في أزمة إنسانية بثالث أكبر دولة في أفريقيا، وأدت لمقتل ما لا يقل عن 570 شخصا، وإصابة أكثر من 5000 آخرين، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، كما دفعت مئات الآلاف من الأشخاص للفرار من منازلهم، وقالت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة إن عدد النازحين داخل السودان بلغ أكثر من 700 ألف شخص، فضلا عن 150 ألفا فروا لدول الجوار.
وفيما تتزايد المخاوف من الأوضاع الإنسانية في السودان، وتتوالى التحذيرات من تداعياتها، أطلق الاتحاد الأوروبي جسرا جويا لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة هناك، بينما حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الصراع الدائر بالسودان قد يرفع أسعار المواد الغذائية هناك بشكل كبير، وقد يضع أكثر من مليوني شخص في دائرة الجوع خلال الأشهر المقبلة، مما يرفع عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد هناك إلى 19 مليونا.
الوسوم:
آخر المقالات من عرب تريبيون
شن لاعب الزماك ومنتخب مصر سابقاً أحمد حسام “ميدو” هجوماً قوياً على لاعب الأهلي محمود عبدالمنعم
كشف اللاعب عمرو جمال عن حقيقة تلقيه عرضاً للظهور في إعلان مع فنانة تشبهه. تحدث لاعب
التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم الأحد، في دمشق قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد
أعلن رئيس محققي الأمم المتحدة بشأن سوريا، الذين يعملون على جمع أدلة عن الفظائع المرتكبة في
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، إن إسرائيل ستواصل التحرك ضد ميليشيا الحوثي في اليمن،