رمضان في تونس … شهر التنافس على حفظ القرآن الكريم

توارث التونسيون حفظ القرآن الكريم عبر الأجيال، وذلك بترغيب وتشجيع الأهالي أبنائهم على ذلك قبل أن تظهر المدارس العمومية، حيث كان الصغار يجتمعون في المساجد والكتاتيب القرآنية بالجوامع لحفظ القرآن على أيدي الأئمة وحفظة القرآن.

وبعد افتتاح المدارس العصرية في تونس وتخصيص كتاتيب لتحفيظ القرآن للأطفال، ظلت أغلب العوائل التونسية متشبثة بتحفيظ القرآن وترتيله لصغارها قبل دخولهم إلى المرحلة الأولى للتعليم الابتدائي، حيث يقضي الطفل بداياته الأولى (ما بين السن الرابعة ونصف إلى السادسة) في حفظ ما تيسر من الذكر الحكيم بإشراف مدرسين منتدبين من قبل وزارة التربية.

وتلقى الكتاتيب في المساجد أو المدارس إقبالا كبيرا من قبل الأطفال الراغبين في حفظ وترتيل القرآن الكريم وتعلم تفسيره، حيث انبثقت /جائزة تونس العالمية في حفظ القرآن الكريم وتفسيره وتجويده/ والتي تسعى إلى التشجيع على إتقان حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتدبّره وتفسيره وإذكاء روح التنافس بين الحفظة والمقرئين في أنحاء العالم العربي والإسلامي.

وتنقسم الجائزة إلى حفظ القرآن الكريم كاملا وتفسير الجزء الأخير منه (باعتماد كتاب مفردات ألفاظ القرآن الكريم للرّاغب الأصفهاني)، ومنافسة التجويد وحسن الصوت، فضلا عن تنظيم مسابقة لحفظة القرآن الكريم في أغلب الأقاليم التونسية سنويا خلال شهر رمضان الفضيل.

وفي هذا الصدد، قال علي مسعود في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إنه ألحق ابنه البالغ من العمر ست سنوات بالكُتّاب لتعلم القرآن الكريم وحفظه وترتيله. وهو الآن يشارك في مسابقة ترتيل القرآن الكريم التي يتم تنظيمها في شهر رمضان الفضيل رفقة أكثر من خمسين طفلا من أقرانه.

وانطلقت منذ الأول من أبريل الجاري، فعاليات المسابقات الإقليمية في حفظ القرآن الكريم، التي ستتواصل على امتداد شهر رمضان الفضيل، بمشاركة متسابقين من مختلف الأعمار.

وأوضحت عائدة لاغة المديرة الجهوية للشؤون الدينية بقبلي جنوب تونس، أنّ هذه المسابقة تهدف للاحتفاء بشهر رمضان الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالقرآن الكريم، حيث إنه شهر القرآن بامتياز، بالإضافة إلى تشجيع الناشئة والمشاركين من مختلف الأعمار على مزيد من الحفظ وإتقان أحكام التلاوة.

وأشارت إلى أن المسابقة لهذا العام تشهد مشاركة عدد من المكفوفين ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و35 سنة ويحفظون 15 حزبا (7 أجزاء ونصف) متتالية من القرآن على الأقل، مع الإلمام بأحكام التجويد، والذين سيتمّ تمكينهم من مصاحف مكتوبة بطريقة برايل وفرتها لهم وزارة الشؤون الدينية.

وأكدت عائدة لاغة أن هذه المسابقة مفتوحة أيضا للمشاركين من حاملي كتاب الله عز وجل كاملا ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و30 سنة مع إلمامهم بأحكام التجويد، على أن يتم اختيار فائزين اثنين، الأول من فرع المكفوفين والثاني من فرع الحفظة لإجراء اختبار على المستوى المركزي سيقام بجامع الزيتونة في التاسع عشر من الشهر الجاري للتنافس على المراكز الثلاثة الأولى وطنيا.

ويتنافس عدد من حفظة القرآن في عدة أقاليم بتونس، من الجنسين ومن مختلف الأعمار، ليفوز حافظ للقرآن في كل إقليم. وبعدها يتم اختيار أبرز حافظ ومرتل للقرآن في تونس على المستوى المركزي في جامع الزيتونة بالعاصمة. ويتم عادة الإعلان عن الفائز ليلة القدر، أو في اليوم الذي يلي السابع والعشرين من شهر رمضان.

وتشرف على تنظيم تلك المسابقات الرابطة الوطنية للقرآن الكريم، التي تستقبل الترشيحات، من الإدارات الجهوية للشؤون الدينية، وتخصص الفضاءات التي ستتم فيها المسابقة بحضور عدد من الشيوخ والأئمة ممن يمثلون لجان التحكيم في كل إقليم.

من جانبه، أشار جمال النابلي كاتب عام فرع الرابطة الوطنية للقرآن الكريم ببنزرت في تصريح مماثل لـ/قنا/، إلى أن “فروع الرابطة في كل الجهات تشرف على تنظيم تلك المسابقات في شهر رمضان. والتي تشهد إقبالا كبيرا من مختلف الأعمار. مما يدل على ارتفاع عدد حفظة القرآن في تونس خاصة من قبل الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و17 سنة”.

وأضاف أنه “على الرغم من تنظيم عدة مسابقات طيلة أيام السنة في حفظ وترتيل القرآن إلا أن الإقبال على هذه المسابقة يكون أكبر خلال شهر رمضان لاختيار وتتويج أفضل الحفظة والقراء، فضلا عن اختيار أفضل مؤذن”.

وتشارك رفقة بن أحمد ذات الأربعة عشر ربيعا هذا العام في مسابقة ترتيل القرآن وفي رصيدها 16 حزبا (8 أجزاء)، منوهة بأنها بدأت حفظ القرآن الكريم منذ كان عمرها خمس سنوات، ومعربة عن طموحها لحفظ القرآن كاملا وترتيله بإتقان.. وتدرس رفقة في إحدى المدارس القرآنية بالعاصمة ثلاث مرات في الأسبوع بعد الدوام المدرسي.

وقرر إبراهيم الشايبي وزير الشؤون الدينية التونسي إنشاء مؤسسات (كتاتيب نموذجية) لتحفيظ القرآن، مشيرا إلى أن الوزارة بصدد الإعداد لإنشاء خمسة كتاتيب نموذجية في عدد من المحافظات، بعد تجربة مماثلة ناجحة مؤخرا في محافظة مدنين جنوب تونس، على أن يتم تعميمها تدريجيا، بهدف الارتقاء بأداء الكتاتيب والخروج بها من الفضاء التقليدي إلى فضاء عصري مجهّز”.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون