حين طرح صموئيل هنتنجتون، قبل أكثر من ربع قرن، نظريته حول صدام الحضارات في مقاله الشهير، ورسم العالم الإسلامي بصفات فاقعة مثل “حدود الدم” و”تعارض قيمه مع القيم الغربية”، كان يستند إلى أطروحة لبرنارد لويس أذاعها العام 1957، ولم تجد أي صدى حينها. ، وكان العالم العربي الذي هو قلب العالم الإسلامي، مشغولاً بالدعوة القومية المتأججة. ولم تكن دعوة هنتنجتون مطلع التسعينيات، لتلاقي كل ذلك الرواج لولا أن الغرب من جهته كان فعلاً بحاجة إلى وجهة يقاتل عليها، وملء الفراغ الذي تركه إختفاء الاتحاد السوفيتى . من جهة أخرى، كان العالم العربي يرزح تحت خيباته من القوميين، وكان استحضار المسلمين كأكبر تهديد للعالم والحضارة الغربية يهيج فئة من المسلمين اليائسين. لهذا، لم يكن غريباً على الإطلاق أن تبدأ هجمات تنظيم القاعدة على المصالح الغربية، بالتزامن مع صدور مقالة هنتنجتون، وكأنها صدى مباشر لها، وعلى نحو يوحي بأن نظرية صراع الحضارات ليست سوى نبوءات ذاتية التحقق ومن جهه أخرى نشر الكاتب الأميركي مسموع الصوت، توماس فريدمان، مقالاً أكد فيه أن مواضيع الحروب المقبلة هي الصين والبيئة والأوبئة، من دون أن يذكر شيئاً عن التطرف أو الإرهاب الإسلامي. وعند تطرقه إلى الشرق الأوسط، قال إن الغرب سيكفّ عن محاولة صناعته، وسيحيل مهمة تشكيله للطبيعة الأم! وتحدث الرجل باستفاضة عن المياه التي يمكن للإسرائيليين مقايضتها بالأرض الفلسطينية، وشمس الأردن التي ستتحول إلى طاقة سلام. وعندما تحدث عن أفغانستان، لم يتطرق إلى استيلاء “طالبان” على الحكم، بل أشار إلى أن هذا البلد يعاني هذا العام أسوأ موجة جفاف منذ 30 عاما وحينما أعرب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عن رغبته في الانسحاب قبل سنتين، بعبارات أوضح من مجازات فريدمان: “أريد أن ننسحب من تلك البلاد، ليس هناك سوى قبائل تتصارع ورمال.. هناك الكثير من الرمال”. ثم صار الأمر جلياً أكثر، في حقبة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، الذي انسحب من أفغانستان بكل بساطة وسلّم البلاد لأكبر جماعة جهادية في العالم، وهو يخطط لجعل السنوات المقبلة خالية من ذلك النوع من الحروب، إذ أكد خبراء أميركيون أن خطط البنتاجون للسنوات الأربع المقبلة، والتي تولي جلّ عنايتها لسباق التسلح الفائق مع الصين، لا تولي الحرب على الإرهاب أي اهتمام ليس سرا ما أعلنته كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي في حكومة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الابن عام 2000، باستهداف أمريكا إنشاء ما يعرف باسم الشرق الأوسط الجديد، وهي الخطة التي وضعها برنارد لويس واقرها الكونجرس الأمريكي عام 1983 لتدمير منطقة الشرق الأوسط بالكامل وإلغاء الحدود السياسية القائمة وإعادة تكوين دول جديدة بحدود جغرافية جديدة وبطبيعة الحال فلن يتحقق للأمريكان هدفهم إلا بعد تدمير كل القوي الاقتصادية والعسكرية في الإقليم.
من ضمن الدول التي شملها مشروع برنارد لويس للتفتيت * مصر تقسم إلى 4 دويلات سيناء وشرق الدلتا “تحت النفوذ اليهودي” ليتحقق حلم اليهود من النيل إلى الفرات) الدولة النصرانية عاصمتها الإسكندرية ممتدة من جنوب بني سويف حتى جنوب أسيوط واتسعت غربًا لتضم الفيوم وتمتد في خط صحراوي عبر وادي النطرون ليربط هذه المنطقة بالإسكندرية ‘وقد اتسعت لتضم أيضًا جزءًا من المنطقة الساحلية الممتدة حتى مرسى مطروح دولة النوبة المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية عاصمتها أسوان تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتى شمال السودان باسم بلاد النوبة بمنطقة الصحراء الكبرى لتلتحم مع دولة البربر التي سوف تمتد من جنوب المغرب حتى البحر الأحمر مصر الإسلامية عاصمتها القاهرة أما الجزء المتبقي من مصر يراد لها أن تكون أيضًا تحت النفوذ الإسرائيلي (حيث تدخل في نطاق إسرائيل الكبرى التي يطمع اليهود في إنشائها). * السودان، التي تقسم الى أربع دويلات، للنوبة، والشمال السوداني الإسلامي، والجنوب السوداني المسيحي، ودويلة دارفور * دول الشمال الإفريقي، يتم تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف إقامة دويلة البربر، ودويلة البوليساريو، والباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا. * العراق، تفكيك العراق على أسس عرقية ومذهبية، فتنشأ دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة، ودويلة سنية في وسط العراق حول بغداد، ودويلة كردية في الشمال. * سوريا، تقسيمها إلى أقاليم متمايزة عرقيا أو دينيا أو مذهبيا، فتنشأ دويلة علوية على امتداد الساحل، ودويلة سنية في منطقة حلب، وأخرى سنية حول دمشق، ودويلة الدروز على أجزاء من سوريا ولبنان. * الأردن، تصفية الأردن، ونقل السلة للفلسطينيين * فلسطين، ابتلاعها بالكامل، وهدم مقوماتها، وإبادة وتهجير سكانها وقد يرى البعض أن هذا المشروع مثل غيره مجرد تخيلات فكرية يقوم بها باحث أو دارس ليس له علاقة بطبيعة الأوضاع في الشرق الأوسط، غير أن المعطيات التي جرت بدءاً بتقسيم السودان،وتسارع وتيرة تقسيم اليمن، فضلاً عن دخول مشروع تقسيم العراق مرحلة واقعية والأزمة السورية، وتداعياتها في لبنان، قد نبّه كثيرون إلى جدية وواقعية وعملية مشروع برنارد لويس لتقسيم الوطن العربي، وتمكين “إسرائيل” من الوجود والقيادة في المنطقة التي سيكون اسمها الجديد الشرق الأوسط الكبير . ومن الملاحظ أن تنفيذ الخطة بدأ بتقسيم السودان الي دولتي شمال وجنوب السودان وجاري محاولة فصل دارفور عن شمال السودان علي الحدود المصرية السودانية عن شمال السودان، بالتوازي مع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ثم نشوب ثورات الربيع العربي التي خطط لها لتمزيق الدول وتدمير بنيتها التحتية كما حدث في سوريا والعراق ، واليمن وليبيا من خلال تقسيم دول المنطقة وإعادة تكوينها من جديد، بحيث يتم تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب ، وتكوين دولة البربر علي امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان، ودولة البوليساريو جنوب المغرب ، ودمج الباقي في دولة واحدة، واقترح لويس تقسيم مصر إلى عدة دويلات الأولي نوبية في الجنوب، والثانية مسيحية في الصعيد والثالثة للسنة في الشمال والرابعة للبدو في الصحراء الغربية، والخامسة دويلة “سيناء” لاستيعاب الفلسطينيين الذين سيتم طردهم من قطاع غزة، علي أن يتم ابتلاع باقي الأراضي الفلسطينية تمهيدا لإعلان قيام دولة إسرائيل الكبري ومعني ذلك أن أزمة سد النهضة ، جزء من عملية كبري يراد منها ابتلاع الشرق الأوسط إلى غير رجعة فالمخاطر التي تحاصر مصر والعرب من كل جانب هي اللاعب الخفي في اللعبة السياسية الحالية وكل الأحلام داعبت الخيال بآبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، بأن تصبح بلاده إمبراطورية كبرى تهيمن ــ لأول مرة في التاريخ ــ على كل دول شرق إفريقيا وعلى رأسها مصر والسودان من خلال سد النهضة، أصبحت الآن كوابيس مفزعة تهدد إثيوبيا نفسها بـ«الخروج من الجغرافيا» والتفتت إلى دويلات وقوميات متصارعة.
وللحديث بقية
آخر المقالات من عرب تريبيون
أثار النجم المصري محمد رمضان تفاعلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، بسبب سؤال
كشف الفنان المصري تامر حسني، عن ملامح أول دويتو غنائي له مع مواطنه رامي صبري. ونشر
ذكرت تقارير إعلامية أن النادي الأهلي يواصل العمل على تعديل أوضاعه خلال فترة الانتقالات الشتوية. قال
أعلن نادي الزمالك التقدم بشكوى رسمية إلى الاتحاد المصري لكرة القدم ورابطة الأندية ضد الحكام بسبب
استشهد وأصيب عشرات الفلسطينيين بينهم أطفال ونساء، اليوم، في عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة، والذي