‏تاريخ علم النفس الإسلامي

1

التاريخ لم يسجل اسم مؤسس علم النفس الإسلامي بشكل محدد والسبب هو تلك الفجوة التي حدثت عند سقوط الدولة العباسية عام ١٢٥٨ ميلادي على يد المغول الذين أحرقوا الكتب والمراجع المليئة بالعلوم الإسلامية القيمة، ولكن يعتبر الفيلسوف الإسلامي الأول الفارابي (أبو نصر محمد بن محمد بن الفارض الطرسوسي) من العلماء الذين بحثوا في مجال علم النفس خلال القرن العاشر الميلادي. كما تحدث عن علم النفس أيضاً الفيلسوف الإسلامي الأخر الجديد العباسي الغزالي (أبو حامد الغزالي) في كتابه “المنقذ من الضلال” وفي كتاب “إحياء علوم الدين”. وفيما بعد، بحث العلماء الإسلاميون في هذا المجال، مثل ابن خلدون، وابن سينا، واستنادًا إلى تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، وتطبيقًا للمنهج العلمي والفلسفي، تم تأسيس علم النفس الإسلامي الذي يتناول النشأة النفسية والأخلاق والسلوكيات السوية والفطرة السليمة.

‏لكن في الحقيقة يعتبر العالم الفيلسوف المسلم الحارث المحاسبي هو أول من وضع الأسس لعلم النفس الإسلامي.

‏الحارث المحاسبي هو فيلسوف ومفكر إسلامي من البصرة عاصر الإمام أحمد بن حنبل في القرن الثالث الهجري هو مؤسس علم النفس الإسلامي والذي يتفق مع العديد من النظريات الحديثة التي عاد إليها علماء الغرب في العصر الحديث خاصة علم النفس الإيجابي.

‏وقدم المحاسبي العديد من الأبحاث والدراسات في هذا المجال. ويتميز علم النفس الإسلامي بتأثره بالمعتقدات الدينية والثقافية الإسلامية، فهو يبحث في تفسير النمو النفسي والجوانب النفسية المختلفة من منظور إسلامي.

‏ويعتبر الحرص على تحقيق الاستقامة والإنصاف والعدل في جميع الجوانب النفسية والاجتماعية من أهم مبادئ علم النفس الإسلامي، ويتضمن علم النفس الإسلامي العديد من المفاهيم والموضوعات الهامة مثل النفس البشرية، والقدرة على التحكم في العواطف والمشاعر، والتطور النفسي للإنسان، وكذلك السمات النفسية المختلفة للإنسان.

‏ويشير الحارث المحاسبي إلى أهمية التوازن النفسي في الحياة الإنسانية، وتحديدًا في الحياة الدينية، كما أشار إلى أن التوازن النفسي يساعد على تحقيق الاستقرار العاطفي والسلوكي، ويساعد أيضًا على تعزيز الصحة النفسية والجسدية، ويسهم في تحسين العلاقات الاجتماعية والأسرية،وفي العصر الحديث ظهر كتاب المصري والمفكر الإسلامي البروفيسور مصطفى محمود رحمه الله (علم النفس والقرآن) الذي يُعد من أجمل المراجع الحديثة في هذا المجال، أما اليوم في العصر الرقمي والتقني تُعد بودكاستات ومحاضرات البروفيسور السعودي خالد الجابر الأكثر تميزاً وإبداعاً
‏في تجديد منهج علم النفس الاسلامي.

‏ختاماً، يعتبر علم النفس الإسلامي من العلوم التي تساهم في فهم الإنسان بشكل أفضل، وتعزز تطويره نفسيًا وروحيًا، وتعزز العلاقة بين الإنسان وخالقه وبينه وبين بقية خلق الله عز وجل وتضبط السلوكيات والانفعالات، وتجعل الفرد أكثر إيجابية وتفاعل مع الحياة، وتجعله راضياً متقبلاً لجميع الضغوطات والصدمات.

تعليق واحد

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون