سياسة القطيع: من ظاهرة اجتماعية إلى ترند يصنعه المستخدمون على منصة X

في عالمٍ رقميٍّ يتسارع فيه كل شيء، تحوّلت “سياسة القطيع” أو ما يُعرف بعقلية الجماعة (Herd Mentality) من ظاهرة اجتماعية قديمة إلى محرك رئيسي لصناعة الرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها منصة X (تويتر سابقًا) حيث لم تعد الآراء تُبنى على وعي أو تحليل بل على من هو صاحب الصوت الأعلى ومن يملك أكبر عدد من المتابعين أو إعادة التغريد فبمجرد أن تظهر تغريدة لافتة أو رأي مثير يبدأ آلاف المستخدمين في التفاعل والتكرار حتى لو لم يفهموا أصل الموضوع أو لم يطلعوا عليه بالكامل وسرعان ما يتحول هذا التفاعل الجماعي إلى موجة ضغط نفسي وسلوكي تدفع الجميع للمشاركة دون تفكير فقط لأنهم لا يريدون أن يكونوا خارج السياق أو ضد التيار في لحظة ما يتحول الرأي الجماعي إلى حقيقة يصعب التشكيك فيها ويصبح من يعارضها متهمًا أو مستهدفًا أو محل سخرية وبينما تتضاعف أعداد المشاركات والمتابعات يختفي التفكير النقدي ويتراجع الحوار الحقيقي لحساب الضجيج الجماعي التريندات لم تعد نتيجة نقاش عميق بل نتاج انفعالات مؤقتة تتحول بسرعة إلى قناعات سطحية يتبناها المستخدمون بشكل تلقائي وقد تنقلب بعد ساعات إلى النقيض تمامًا دون أي مراجعة أو اعتراف بالخطأ وهنا تبرز خطورة الظاهرة لأنها لا تصنع فقط رأيًا عامًا مزيفًا بل تؤثر أيضًا في قرارات ومواقف وتوجهات على أرض الواقع لذلك من الضروري أن نتوقف قليلًا قبل الانجراف مع أي موجة ونسأل أنفسنا هل ما نشاركه نابع من اقتناع حقيقي أم أننا فقط نعيد ما يقوله القطيع