لما العلاج يبقى حلم.. تعرف إنك في نقادة

في مركز نقادة بمحافظة قنا، يقف مبنى مستشفى نقادة العام كشاهد حي على الإهمال والتجاهل. مبنى كان يومًا يخدم عشرات الآلاف من المواطنين، تحوّل إلى خرابة مهجورة بلا خدمات، بلا أجهزة، ولا حتى أمل قريب في إعادة تشغيله. المستشفى الذي خرج من الخدمة بسبب التهالك، لم يجد مصيره في مشروع جديد كما هو منتظر، بل نُقلت الخدمة بشكل “مؤقت” إلى وحدة صحية في قرية طوخ، وحدة محدودة الإمكانيات لا تليق بحجم مركز يتجاوز عدد سكانه مليون نسمة.

ورغم مرور سنوات على هذا “الحل المؤقت”، لم تتحرك الدولة بخطوة جادة نحو إنشاء مستشفى جديد. التصريحات الرسمية تتحدث عن “الترميم”، بينما يدرك أهالي نقادة أن المبنى القديم لم يعد يصلح حتى لذلك. هو مبنى متهالك من الأساس، فقد صلاحيته، ويقف اليوم كأثر ميت لا يُرجى منه حياة. الترميم، كما يراه المواطنون، ليس سوى محاولة لتجميل الأزمة دون حل حقيقي، وهدر جديد لأموال عامة على مشروع غير قابل للإحياء.

المطلب الشعبي اليوم واضح وبلا تردد: نريد مستشفى جديد، يُبنى من الصفر، مجهز بكل ما يلزم ليخدم مئات الآلاف من أبناء المركز والقرى التابعة له. الأهالي سئموا من وعود لا تُنفّذ، ومن حلول مؤقتة أصبحت دائمة، ومن انتظار طال لحق بسيط من حقوق الإنسان.

السؤال الذي يطرحه أهالي نقادة بمرارة: أين وزارة الصحة من هذه الكارثة المستمرة؟ هل من المقبول أن يعيش مركز كامل بلا مستشفى حقيقي؟ كيف تُترك الحالات الطارئة، والنساء الحوامل، والمسنين، يواجهون مصيرهم في طريق السفر إلى أقرب مستشفى في مدينة أخرى؟ لماذا لا تتحرك الدولة بخطة عاجلة لوضع حد لهذا الوضع المؤلم؟

العلاج ليس رفاهية. الصحة ليست خدمة اختيارية. الرعاية الصحية هي حق دستوري، وضرورة حياتية لا تحتمل التأجيل. نقادة ليست خارج حدود الجمهورية الجديدة، وليست أقل شأنًا من أي مدينة أو مركز آخر. المواطن في الصعيد من حقه أن يجد سريرًا نظيفًا، طبيبًا متخصصًا، وطوارئ تستقبله في أي وقت.

صمت المسؤولين لم يعد مبررًا. والمبنى الذي تحوّل إلى أطلال لن تعيده الحياة بطلاء على الجدران أو إصلاحات سطحية. نقادة بحاجة إلى قرار شجاع: البدء الفوري في بناء مستشفى جديد، حديث، متكامل، يليق بكرامة الإنسان المصري.

أهالي نقادة لا يطلبون المستحيل، فقط يطالبون بأبسط الحقوق: مستشفى يعيش.. لا مبنى ميت يُرمم

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون