الإستثمار فى الوهم

لم تتوقف عمليات النصب والإحتيال عبر التاريخ، وشملت العالم كله، وبأساليب مختلفة، تتطور مع تطور المجتمعات، وتستهدف هذه العمليات كل الناس من جميع الأعمار والمستويات الإجتماعية، والكثير من المواطنين يقعون بالفعل فريسة سهلة لعمليات النصب والإحتيال، وذلك لانها تبدو حقيقية وقد تشمل عروضاً مغرية لايمكن رفضها أو تجاهلها.

تعددت أساليب النصب والإحتيال والإستيلاء على أموال المواطنين بدون وجه حق، وذلك بحثا عن الثراء الفاحش بطرق إحتيالية، فيتم جمع المال من ضحاياهم بافكار وطرق مدروسة، حتى يوهموا المواطنين بقدرتهم على تحقيق الربح السريع، كما تنوعت أساليب المستريحين ولكن الهدف واحد وهو جمع الاموال وباسرع مايمكن.

ومع هذا السيل الجارف والمتسارع، من تطور تكنولوجيا المعلومات، ووسائل الاتصال، انتشر مفهوم جديد للإحتيال والإستغلال، ولعل أخطرها مايسمى بـ “الإحتيال الالكترونى” الذى سهل عملية البحث عن الفريسة الغير حذرة عبر الشبكة العنكبوتية، حيث عادت ظاهرة المستريح من جديد ولكن على الإنترنت، من خلال التطبيقات التى تستهدف الباحثين عن الربح السريع، فتسقطبهم بسيل من الإعلانات الترويجية على مواقع التواصل الإجتماعى، التى تداعب احلام البسطاء وإيهامهم بأن بإمكانهم الحصول على ربح سريع من الانترنت دون أى مجهود أو خبرة، ثم تبدأ فى جمع الاموال شيئاً فشيئاً منهم بدون عناء، وما أن يتحقق مرادهم ويجمعوا ملايين الدولارات حتى يختفى التطبيق تماماً من على الانترنت ويختفى كذلك القائمين عليه، ويبدأ الضحايا فى الصراخ والعويل والاستغاثه عبر الفيديوهات القصيرة.

حلم الثراء السريع يراود الكثير من المواطنين، خاصة بعد ظهور منصات الربح الرقمية على الانترنت ومواقع التواصل الإجتماعي والتي أوهمت الملايين، بإمكانية تحقيق حلم الثراء السريع، والحصول على أرباح كثيرة من الدولارات، من خلال تطبيق أو آخر، عبر التداول أو الإستثمار خلالها، وكان آخر حكاوي حوادث النصب، هي منصة “هوج بول”، والتي ضجت مواقع التواصل الإجتماعي بها عبر هشتاجات دشنها ضحايا هوج بول التى إستطاعت أن تجذب آلاف المصريين فى فترة بسيطة،عقب انتشاره بشكل كبير وزادت عمليات البحث عنه، ولم يكلفها الأمر سوى بعض الإعلانات الترويجية التى تسيل لعاب المحتاجين.

لكن رغم ماتنطوي عليه جرائم النصب، من أغتصاب لأموال الناس، وسلب حقوقهم، إلا أنها من جانب آخر تحمل الكثير من الفكاهة، لما تتسم بها طريقة أرتكابها من أستخدام حيل وخدع لم يخطر علي بال الإنسان العادي فى التعامل معها، وتكشف مدي تفاهة عقول بعض الناس في مواجهة ذكاء النصاب وقدرته علي الإقناع، وتلعب الضحية دور كبير في تسهيل مهمة النصاب، فهي غالبا ماتكون علي قدر كبير من السذاجة والطيبة، بحيث تنطلي عليهم الاعيب النصابين وحيلهم ،أو تكون على قدر كبير من الطمع والجشع بحيث يعميها طمعها وجشعها عن رؤية الحقيقة وكشف النصاب، فسعيها نحو الربح الفاحش والسريع يجعل عقلها بعيد عن التفكير المستقيم والمنطقى.

ولكن السؤال هنا … ماهو دور وزارة الاتصالات الرقابى على التطبيقات الالكترونية التى تتاح للمواطنين ؟؟ وماهو مدى امكانية إغلاق التطبيقات الوهمية والمشبوهة؟؟

لاننكر طبعا دور أجهزة وزارة الداخلية التى إستطاعت ضبط العصابات الالكترونية خصوصا جهود رجال مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة ومباحث الإنترنت فى ظل صعوبة مايواجهونه فى التعامل مع قضايا النصب الالكترونى التى تتطور وتتغير أدواتها وأساليبها، لكن لماذا لايتم غلق التطبيقات المشبوهة قبل أن تنتشر وتتوغل وتستقطب الضحايا ؟؟؟ لماذا ننتظر وقوع الجريمة ثم نبدأ فى التحقيق فيها ولا نحاول أن نمنع حدوثها من المنبع ؟؟؟

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون