ما هي خيارات إسرائيل في التعامل مع إيران؟

بالتزامن مع استئناف المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، تواجه إسرائيل تحديات جديدة، فمع تهميش الخيار العسكري، على تل أبيب التفاوض مباشرة مع واشنطن، وتأمين ضمانات دفاعية والاستعداد لخطر اتفاق محتمل قد يقوي إيران ووكلاءها في المنطقة.

وربما أربك التغير الذي طرأ على موقف الولايات المتحدة من رغبة إسرائيل في التحرك العسكري ضد إيران حسابات حكومة بنيامين نتانياهو التي وجدت نفسها أمام تساؤلات عدة.


تسريبات ومعارضة ترامب
وتساءل المؤرخ والسفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين، مثل كثيرين غيره، عن الذي يقف وراء تسريب الخبر الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” عن معارضة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خططاً إسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.

ويقول أورين هل كان المصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه، الذي كان يأمل أن يثبت مرة أخرى أنه كان يريد التحرك لكن الأمريكيين منعوه؟ أم المعسكر الانعزالي في الإدارة الأمريكية الذي يعارض أي تدخل عسكري أمريكي آخر في الشرق الأوسط؟ أم ربما كان ترامب نفسه، الحريص على إثبات أنه الرئيس الذي ينهي الحروب ولا يبدأها؟!.

إلا أن أورين، وحسب مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يرى أنه بغض النظر عن ذلك، فإن “من سرب”؟ هو السؤال الخاطئ، وأن السؤال الحقيقي يجب أن يكون ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله الآن بعد أن بدا أن الخيار العسكري الإسرائيلي خارج الحسابات نهائياً، بينما يتفاوض المبعوثون الأمريكيون والإيرانيون على اتفاق نووي جديد.

واستطرد قائلاً إنه ربما تكون المحادثات طريقة ترامب لإظهار أنه سلك مسار الدبلوماسية وجعله خياره الأول قبل اللجوء للحل العسكري.

ولم يستبعد الكاتب والدبلوماسي الإسرائيلي السابق أن تسفر المحادثات عن اتفاق لا يختلف كثيراً عن الاتفاق الذي أبرمه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما مع إيران في في 2015، معتبرا أن في الحالتين، “على إسرائيل أن تستعد للأسوأ”.

واعتبر أن الأسوأ هو التوصل إلى اتفاق تحصل بموجبه إيران على حوافز مالية تنعش خزائنها مجدداً ويمكنها من إعادة بناء قدرات حركة حماس، وحزب الله اللبناني، واستعادة نظام موال لطهران في دمشق، كل ذلك دون تفكيك جهاز طرد مركزي واحد.


ضعف ترامب!
وربما عبر أورين عما يدور في ذهن صناع القرار في إسرائيل، حينما شدد على ضرورة تسليط الضوء على أن مثل هذا الاتفاق دليل على ضعف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويقوي نفوذ روسيا والصين “على إسرائيل أن توضح أن مثل هذا الاتفاق سيضمن لإيران إنتاج أسلحة نووية بمجرد انتهائه”.

ورأى أنه إذا أبرم اتفاق نووي جديد، رغم تحذيرات إسرائيل، فعلى تل أبيب أن تنخرط في حوار مع البيت الأبيض حول السبل التي يمكن لإسرائيل مع ذلك أن تدافع بها عن نفسها.

واعتبر أنه يجب أن تشمل هذه السبل ضمانات أمنية أمريكية صارمة، وتأكيدات بأن إسرائيل ستمتلك دائما الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها ضد أي “عدوان إيراني” محتمل.

وتطرق إلى السبل الكفيلة بتحقيق ذلك، فدعا إلى”السماح لنا، للمرة الأولى، بشراء قاذفات قنابل استراتيجية وتدريب طواقمنا على قيادتها. يجب أن نتوصل إلى اتفاقات مع الولايات المتحدة على إخلاء غزة وجنوب لبنان من السلاح بشكل دائم”.


تل أبيب وواشنطن
وحسب كاتب المقال، تزيد أهمية هذا الحوار الحميم لأن إسرائيل، على عكس الماضي، لا تستطيع الاعتماد على الكونغرس لمعارضة اتفاق نووي جديد، “فالديمقراطيون سيدعمون أي اتفاق يشبه إلى حد كبير اتفاق أوباما، بينما سيمتنع الجمهوريون عن معارضة ترامب. لا خيار أمام إسرائيل سوى طرح قضيتنا مباشرة على المكتب البيضوي. يجب أن نبدأ مفاوضاتنا مع الإدارة الأمريكية الآن”.

ومنذ محادثات الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان، التي وصفها الطرفان بـ “بناءة”، تباينت المواقف داخل إدارة ترامب بين مطالب متشددة، تعتبرها إيران بمثابة “خطوط حمراء”، ونهج أكثر تصالحاً قد تجنح إليه طهران، حسبم شبكة “سي.إن.إن” الإخبارية الأمريكية.

ويرى مراقبون أن ما أثير عن تباين وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية لتبني نهج متشدد يفضل توجيه ضربة عسكرية لإيران، ربما يمثل ورقة ضغط على إيران قبل جولة المفاوضات الثانية في روما بوساطة عُمانية، وسط تهديدات الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة ستلجأ إلى توجيه ضربات عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية، بمساعدة إسرائيل، إذا لم يفض طريق الحوار مع طهران إلى اتفاق.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون