البطولة الحقيقية والبطولة المطلقة

انا من محبي السينما المصرية القديمة ومتابعيها الجيدين. وقد لفت نظري أثناء مشاهداتي المتكررة لهذه الأفلام ان البطولة الحقيقية فيها تختلف عن البطولة المعلنة على أفيشات الفيلم وإعلاناته. بمعنى ان الفيلم كان يتصدر بطولته اسم بطل وبطلة باعتبارهما صاحبي البطولة المطلقة الى جانب الأدوار المساعدة. لكنك حين تشاهد الفيلم تكتشف ان هناك ابطالا اخرين بخلاف بطلي الفيلم وهم فاكهة الفيلم او العمل اذا جاز التعبير ، وإذا حذفت دورهما او قام بهما غيرهما لاختلت المعادلة واختلف إيقاع العمل وجودته. خذ لذلك مثلا فيلم مثل”الزوجة الثانية” حيث كانت البطولة المطلقة فيه لشكري سرحان وسعاد حسني، لكنك حين تشاهد العمل تكتشف ان بطليه الحقيقيين هما صلاح منصور وسناء جميل اللذان أبدعا وقدما أداء عالميا لا يمكن تخيل الفيلم بدونه او دونهما ، كما لا يمكن تصور ان يقوم به غيرهما. ومن تلك الأمثلة أيضا أفلام : إشاعة حب حيث حمل لواء الإبهار والإمتاع فيه كل من يوسف وهبي وَعَبَد المنعم ابراهيم ، وفيلم “السفيرة عزيزة” حيث يستحق البطولة الفعلية فيه كل من عدلي كاسب وَعَبَد المنعم إبراهيم. وكذلك فيلم سكر هانم حيث تتركز البطولة الحقيقية في الفيلم في عبد المنعم ابراهيم وَعَبَد الفتاح القصري. هذه نماذج عابرة فقط حضرتني اثناء كتابة هذا المقال ؛ لكن الاستشهاد بعشرات النماذج الاخرى ممكن ومتاح. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل تنطبق هذه الفكرة على الحياة العملية بعيدا عن السينما والخيال؟
بمعنى آخر: هل يحتل أناس معينون في حياتنا مقاعد النجومية والبطولة المطلقة -ظاهريا- بينما أصحاب البطولة الحقيقية متوارون أو يحتلون الصفوف الخلفية؟

سمعت كثيرا في السنوات الأخيرة وصفا لأحدهم ، أو إحداهن بأنه او أنها شخص يحب أن يأخذ اللقطة، بمعنى انه يظل مختفيا ومتقاعسا في الوقت الذي تكون في أمس الحاجة إليه ، ثم لا يظهر الا في وقت معين ليلفت الأنظار ويبين لمن حوله أنه موجود وشهم ومنقذ، فقط يظهر حين يكون ظهوره تحت الأضواء ، فيبدو وكأنه كان مساندا وداعما منذ البداية – وهو لم يكن كذلك بالفعل. ترى: هل صادفتم في حياتكم أحدا من أصحاب البطولات الزائفة أو المبالغ فيه؟

وهل شعرتم وأدركتم أصحاب البطولات الحقيقية في حياتكم أم مازالت بطولاتهم بعيدة عن إدراككم؟

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون