تنبؤات السنيورة بوفاة الشحرورة

ظلت إحدى العرّافات اللبنانيات السنيورات (أي الحسناوات) تتنبأ برحيل الفنانة اللبنانية صباح لمدة سبعة عشر عاماً.
وتنشر تنبؤاتها تلك في كتب من نوعية اللامؤاخذة الأكثر مبيعاً.
وتعلنها جهاراً نهاراً في الإذاعات والفضائيات.
وفي كل عام تخيبُ النبوءةُ فيه، وتظل الشحرورة متشبثة بالحياة، لم يكن أحد من أهل الميديا يذهب لتلك العرافة الأنيقة، ليسألها: لماذا أخطأت النجوم التي استطلعتيها، وتلخبطت الأبراج التي تسلقتيها؟
ولكن
وحينما رحلت الفنانة الأسطورية بالفعل عام ألفين وأربعة عشر خرجت حشود صحفيي حظك اليوم واقرأ طالعك في النجوم لتهلل لصدق تنبؤ ستنا العرافة، التي نجحت في معرفة موعد رحيل الصبوحة الشحرورة بعد سبع عشرة محاولة فقط!
وهو ما ينطبق عليه النُّواح الشعبي: (الناس خيبتها السبت والحد، واحنا خيبتنا موردتش على حد!)
..
وأنت تجد صحيفة عربية عريقة، (وصحفاً غربية عريقة كذلك إحقاقا للحق) تناوب على الكتابة فيها كبار التنويريين العرب والخواجات، تُفرد بابا ثابتا لحظك اليوم:
لتقول لك إن مواليد برج الحوت سيفقس لهم كتكوت
وإن مواليد برج الدلو سيندلق من أفواههم كل حلو
والحذر الحذر لمواليد برج الخروف الذين ستنقض عليهم الحُتوف
وهكذا
وهكذا
كلام فارغ
يعقبه كلام أفرغ
لا دليل علمياً عليه
ولا حجة منطقية تسنُدُه
وإنما هو
رزق الشريرين على الطيبين!
..
القاعدة هنا هي؛ كل ادعاء بلا دليل هو ضرب من التضليل.
فهذا الذي يزعم أن يوم الثامن من مارس سيشهد زلزالا رهيبا يجعل حلب في موقع أنقرة، والقدس مكان القنطرة..
رغم أن علم الزلازل بقضه وقضيضه يعلن بوضوح عجزه عن إطلاق هذا النوع من التنبؤات الدقيقة..
هذا المُتعالم الذي يخيف الناس بكلامه الغبي الغليظ، باحث عن صدارة التريند، لأنه يعرف أن الناس ستنسى فشل نبوءته بعد أن ينشغلوا بتريند جديد آخر.
وكل ادعاء بلا دليل هو ضرب من التضليل.
فلا تخف


يقول الشاعر السوري المكزون السنجاري:

يا راقِداً في جَهلِهِ

مِن رَقدِةِ الجَهلِ اِنتَبِه

وَاِعمَل عَلى ما يَقتَضي

عِلمُكَ فيما دِنتَ بِه

وَجانِبِ التَقصيرَ في العقلِ
وَخَف مِن عُقَبِه
..
وتذكر:
كل ادعاء بلا دليل، هو ضرب من التضليل.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون