ليبيا.. موعد جديد مع الانتخابات 2023 برعاية مجلس الأمن

طوال 9 سنوات كاملة من ظهور الأجسام السياسية القائمة في ليبيا حاليًا، ممثلة في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ووسط بيئة زاخرة بالميليشيات المسلحة وافتقاد قيادة عسكرية موحدة، وتجذر الانقسام بين حكومتين في الشرق والغرب، كان أمل إجراء الانتخابات في ليبيا، لفرز قيادة شرعية منتخبة للشعب الليبي، وهيئات برلمانية لها شرعية حقيقية، أملاً معلقًا يراود الكثيرين داخل ليبيا وخارجها.

جولة جنيف

وعندما تم الاتفاق، خلال جولة جنيف وقت تولي المستشارة الأممية السابقة ستيفاني وليامز، على تعيين مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة تمثلت في حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة بدايات عام 2021، كان الاتفاق هو إجراء الانتخابات في ليبيا ديسمبر 2021 الماضي، لكن تم العمل على إجهاضها بشكل سافر وفق التطورات، من قبل قوى داخلية وخارجية عدة. وهو ما دفع المفوضية العليا للانتخابات الليبية، آنذاك للإعلان أن القوة القاهرة أعاقتها عن تنفيذ الانتخابات في الموعد السابق الذي كان مقررًا في ديسمبر 2021.

إحاطة “باتيلي”

وبعد مرور 14 شهرًا كاملة، جاءت إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن قبل ساعات، لتجدد آمال الليبيين في عقد الانتخابات من جديد واعدًا بأن يكون عام 2023 هو عام الانتخابات في ليبيا، وذلك بعد معركة سياسية فاشلة لم يتم الاتفاق فيها على أي شيء بين مجلسي النواب والدولة في ليبيا طوال الشهور الماضية.

وقال المبعوث الأممي عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن، إن أمد العملية السياسية الليبية، طال أكثر من اللازم، ولم تعد هذه العملية تلبي تطلعات الليبيين الساعين إلى انتخاب من يقودهم، وبث الروح في مؤسساتهم السياسية. وأشار إلى أن صبر الشعب الليبي قد نفد، وباتوا اليوم يشككون في إرادة ورغبة الفاعلين السياسيين في إجراء انتخابات شاملة وشفافة في عام 2023.

فقدت شرعيتها

وأوضح باتيلي، في إحاطته أمام مجلس الأمن، أن النخبة السياسية في ليبيا تعيش أزمة شرعية حقيقية، ولا يسع المرء إلا القول بأن أغلب المؤسسات الليبية فقدت شرعيتها منذ أعوام.

وتابع في إحاطته: “أن تنفيذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية، يتطلب توافقًا وطنيًا واسعًا ينطوي على التأييد والمشاركة الفاعلين لطيف أوسع من الأطراف المعنية، بما في ذلك المؤسسات الوطنية، والشخصيات السياسية، والأطراف الأمنية، وزعماء القبائل وغيرهم من الفاعلين”.

مبادرة لتنفيذ الانتخابات

وأكد “باتيلي” قائلاً:”قررت إطلاق مبادرة تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام 2023، وأعتزم إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا. بالإضافة إلى تيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023، فإن اللجنة المقترحة سوف تمنح منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين”.

من جانبها أعلنت فرنسا تأييدها “مقترح باتيلي” بتشكيل لجنة توجيهية لتنظيم الانتخابات الليبية. وأكدت باريس دعمها الكامل له، داعيةً في الوقت نفسه إلى تشكيل حكومة جديدة، لضمان إجراء هذا الاستحقاق في جميع أنحاء البلاد والسيطرة على حدودها.

فرنسا تؤيد باتيلي

وقالت نائبة الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، ناتالي برودهورست أمام مجلس الأمن: “إن ليبيا وشعبها يستحقون أفضل من المأزق الذي حكمت به عليهم طبقتهم السياسية، ومن دولة تعمل فيها القوات الأجنبية والمرتزقة والميليشيات على تجذير وجودها وتشديد قبضتها في تحدٍ لسيادة ليبيا وسلامتها واستقرارها ووحدتها”.

وأضافت المندوبة الفرنسية، أنه بعد 12 سنة على فبراير2011، فإن “الليبيين يستحقون أفضل من مجتمع يتعرض فيه الفضاء الديمقراطي والحريات الأساسية للتهديد”.

وتابعت: “بلد يكون فيه الوصول إلى السلطة والأموال العامة غاية في حد ذاته وليس وسيلة لخدمة التنمية الاقتصادية والمصلحة العامة”.

مسرحًا للجرائم

وشددت مندوبة فرنسا في كلمتها، “أن ليبيا تستحق أفضل من أن تكون مسرحًا لجرائم وانتهاكات متكررة لحقوق الإنسان، وأول ضحاياها من المهاجرين واللاجئين، وتسليمهم للاتجار بالبشر والميليشيات”، مؤكدة على ضرورة استعادة الشرعية السياسية في ليبيا من خلال إعادة إطلاق العملية الانتخابية التي ينتظرها ملايين الليبيين الذين سجلوا للمشاركة في انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة تتسم بالشمول والمصداقية والشفافية.

وعلى الناحية الثانية، علق مجلس النواب الليبي وعبر بيان لهيئة الرئاسة، بأن إحاطة المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي، أمام مجلس الأمن الدولي تضمنت مغالطات بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية، معتبرًا ذلك تناقضًا مع فقرات في الإحاطة نفسها أقرت بصدور التعديل الدستوري.

رئاسة مجلس النواب

وأضاف مجلس النواب الليبي، أن إحاطة “باتيلي” لم تطرق إلى تعطيل انعقاد جلسة مجلس الدولة من قبل القوى القاهرة التي أفشلت الانتخابات العام 2021، ولا إلى الفشل الذي لحق بباقي المؤسسات المنوط بها مهام جسام لإنجاح أي عملية انتخابية وسياسية، لكنه في الوقت نفسه رحب بدعم المجتمع الدولي لحق الشعب الليبي في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتثمين دور البعثة الأممية.

وشدد مجلس النواب الليبي، على الملكية الليبية للعملية السياسية، وأنها الضامن الوحيد لإنجاح أي مبادرات في هذا الشأن، وهو ما أكدت عليه المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي والتي حصرت الدعوة في انعقاد لجنة الحوار لأطراف الاتفاق دون غيرهما من الأجسام والكيانات داخلية كانت أم خارجية.

وتابعت رئاسة مجلس النواب الليبية القول: إن مجلس النواب حريص على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب الآجال وفي أفضل الظروف، وإنه اتخذ كل ما يلزم لإجرائها في 24 ديسمبر 2021، لكن تم إفسادها بقوة السلاح والفساد.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون