ضحية.. قتلتها كلمات مسمومة

” إزاى مستحملة شكلك كدة؟؟”، مجرد جملة قد يعتقد البعض أنها جملة عادية، ليس لها أى تأثير على الشخص الذى وجهت إليه، لكن تلك الجملة، كانت سبباً فى وفاة طالبة مصرية قهراً، فقد توفت “رودينا اسامة” الطالبة فى الصف الأول الثانوى، بإحدى مدارس منطقة فيصل بالجيزة، بسبب تنمر زميلاتها عليها، وتعمدهن مضايقتها والتفوه بألفاظ مسيئة ضدها.

لم يتحمل قلب الطفلة الصغيرة كم الكره والقسوة التى أفصح عنها زميلاتها بإستخدامهن لجمل تحمل تنمراً واضحاً وصريحاً، على شكلها وهيئتها، لم تستطع الطفلة تحمل الضغوط والأعباء النفسية، التى تسبب بها زميلاتها لها، والتى يبدوا أنها فاقت قدرتها على التحمل، ما اثر على صحتها وقلبها الصغير، فتوقف عن النبض ليعلن خبر وفاتها .

التنمر أو قهر القلوب وكسرها يقتل بلا رحمة، وهذه حقيقة علمية ويصاب المكسور بمتلازمة”القلب المكسور”، وأصحاب الإحساس المرهف هم الأكثر تعرضاً لهذه المتلازمة، ورغم أنها جريمة مكتملة الأركان إلا أنها جريمة بلا سلاح يؤكدها ويثبتها، والموت فيها يكون تحت مسمى “حزن شديد أدى الى الموت”، وبهذا أصبح القتل بسيطاً لايحتاج سوى الى كلمة، فأحذروها فبعض الكلمات نور وبعضها قبور.

ليست تلك هى حالة التنمر الأولى التى تتسبب فى وقوع ضحايا لكن قد سبقها العديد من الحالات المشابهة، حالات أصابت الرأى العام بالصدمة، وثار ضدها، وطالب بوضع حد لإنتشار هذه الظاهرة بين أطفال المدارس، حتى أقر مجلس النواب تشريعاً يجرم التنمر ويدخله حيذ التنفيذ فعلياً فى سبتمبر 2020، ليصبح التنمر جريمة يعاقب عليها القانون بعد أن تبين خطورتها النفسية على ضحايا التنمر والتى قد تؤدى بهم الى الانتحار فى بعض الحالات.

وللتنمر أنواع عديدة فمنها، التنمر فى مجال العمل، والتنمر الالكترونى، والتنمر الأسرى، والتنمر فى أماكن الدراسة، والتى تعتبر من أكثر أنواع التنمر انتشاراً، وهو تعرض التلميذ للإيذاء الجسدي أو النفسي من خلال الضرب، الركل، شد الشعر، تخريب الممتلكات الخاصة بالشخص، التقليد السلبي، التجريح، الشتائم، الشائعات، التهديد، العزل، أو حتى تعديل صور غير قانونية للضحية عبر الإنترنت واستغلالها في تهديد الضحية، أو نشرها لمجرد الاستهزاء من الشخص والتقليل من شأنه.

تنعكس ظاهرة التنمر بشكل سلبى على الضحية فتصيبه بالخوف والقلق والعزلة والوحدة وقد تصل للإكتئاب، كما تنعكس أيضاً على المتنمرين ذاتهم، فهناك إحتمال كبير أن يصابوا بالفشل الدراسى، كما أنهم قد يكونون عرضه لإرتكاب الجرائم فى سن مبكرة.

ولكى نتصدى لتلك الظاهرة، يجب أن يكون للأهل والمدرسة دور، فلا داعى من إنتظار وقوع الجريمة حتى نتيقن أن هناك خطأ يجب تعديله، فعلى الأهل مراقبة أولادهم، والوقوف أمام الإحباطات التى تواجههم فى المنزل، والتحكم فى مشاهدة الأطفال للبرامج التليفزيونية والافلام العنيفة، وضحوا لهم أهمية الكلمة وتأثيرها، عرفوهم أن الجمال ليس بالشكل الخارجى، ولكن فى جمال القلوب، وأن الله ينظر لتصرفاتنا وليس لجمالنا، وعلى المدرسة وضع قوانين حازمة تمنع إيذاء أى طفل للآخر سواء كان إيذاء نفسى أو بدنى، وتحفيز روح التعاون بين الطلاب، ونشر المودة بينهم.

إقتربوا من أولادكم، وعززوا ثقتهم بنفسهم، وعززوا بداخلهم فكرة أن المتنمر يفعل مايفعله بدافع الغيرة من نجاحه، وبسبب فشله، وأن لكل ناجح حاقد وحاسد، إستمعوا لهم، ولاتغلقوا فى وجوههم أبواب الحب والرحمة.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون