الانسان مخلوق ناطق ,مفكر ,ومبدع تحرك أحاسيسه الأصوات والاشكال والكلمات المكتوبة او المسموعة ولا أظن ان المخلوقات الاخرى التي نعرفها تشاركنا هذه الصفات بنفس المستوى من الإدراك والتفاعل وان قيل ان الشجر يسمعك وان بعض الحيوانات تدرك إحساسك تجاهها وقد ورد في الأثر الشريف ان سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام خاطب الجبل والشجر والإبل ولا نختلف ان هذه من المعجزات.
ونخلص من هذا ان القدرة على الإبداع هو من الأنشطة العقلية التي يختص بها الانسان دون غيره ويتفاوت الإبداع عند الانسان بين تجسيد الكيان الظاهري كرسم الشجرة مثلا ويتطور هذا الإبداع الى رسم الموضوعات التي تظهر فيها المشاعر مثل القوة والحب والقدسية.
وأول ما يمكن تتبعه من هذا الإبداع ما تركه الانسان الاول على الكهوف من رموز ورسومات سجل بها الأشكال التي عايشها في الطبيعة من حيوان ونبات وجماد حيث اكتفى حينها بالشكل قبل ان تتطور أدواته ويضيف اللون لهذه الأشكال لذا يعتبر الفن من اهم الأنشطة الانسانية وأقدمها التي شغلت الفلاسفة منذ فجر التفكير الإنساني ولقد اخذا الصبغة الميتافيزيقية لمرحلة طويلة من التاريخ حتى خرج علينا هربرت ريد Herbert Read في العصر الحديث الذي عالج موضوع الفن من زاوية علمية مما جعله رائدا في هذا المضمار حيث أضاف جديدا الى منهج التفكير الجمالي.
يقول هربرت ريد في تعريفه ( مهما يكن تعريفنا للفن فهو كائن في كل ما نصنعه لإمتاع حواسنا ، وهناك مراتب للفن كما هناك صفات عديده لابد من توافرها في العمل الفني حتى يبلغ ارفع مراتبه وقد لا توجد اجابة بسيطة تحدد ماهية الفن سواءا كان مسموعا او مرئيا والفنان ليس هو من يرسم فقط بل هو كذلك من يؤلف الموسيقى ومن يقرض الشعر ومن يصمم الاثاث او الأزياء والفنانون انواع ودرجات يشتركون في انهم يعطون شكلا خاصا لشيء ما يقصد منه إمتاع الحواس والعقل حيث تجتمع كل الحواس وليس بالضرورة ان ما يمتع حواس احد منا يمتع حواس الاخر ).
يسود الاعتقاد أن الفن كان ضرورة ولايزال وسيبقى ايضا ضرورة ابدا ويقول ارنست فيشر في كتابه ضرورة الفن ( فمن الواضح أن الانسان يريد دائما أن يكون اكثر تجاربا ولا يكتفي أن يكون منعزلا ويصبح انسانا اكثر من مجرد ( انا ) ويربط عن طريق الفن هذه الانا الضيقة بالكيان المشترك للناس ليجعل فرديته اجتماعية والفن هو الاداة اللازمة لاتمام هذا الاندماج بين الفرد والمجتمع ).
وعندما نحاول أن نتلمس واقعنا الفني وبشكل اكثر تحديدا” واقع الفن التشكيلي ” في مجتمعنا في ضوء التعريفات والتفسيرات السابقة لمراجعة تجربتنا وتقييم أدائنا افرادا ومؤسسات معتبرين ان خدمة هذا الفرع من الفنون لا تقف عند ابداع اللوحات او إقامة المعارض بل تتناول بشكل هام ” نشر الثقافة الفنية ” دون التقيد او التعصب .
وعندما اعود الى الوراء قليلا متذكرًا بداية علاقتي بالساحة التشكيلية اجد ان اهتمامي بدا فعلا قبل ما يزيد علن عقدين من الزمن كان ذلك في منصف التسعينيات عندما كنت أتردد على معارض بيت الفنانين التشكيليين في مركز الجمجوم التجاري بجدة لحضور المعارض الفنية التي يقيمها البيت فترة رئاسة الفنان هشام بنجابي للبيت.
اذكر ان عدد أعضاء البيت في ذلك التاريخ حوالي خمسمائة فنان تشكيلي من السيدات والرجال تتراوح أعمارهم من عمر العشر سنوات لبعض المبتدئين الى سن السبعين للمتقـــــاعــدين وقد عرفت تفاصيل هذا التنوع والعدد بعد ان قادتني الظروف وبترشيح من إدارة البيت آنذاك ” بعد انتهاء فترة الاستاذ هشام ” ان اصبح عضوا في إدارة البيت ثم رئيسا له لاربع سنوات.
كان سبب ذلك اهتمامي بالساحة التشكيلية بالاضافة الى اعجابي السابق بهذا الفرع من الفنون منذ عملي السابق في الخارج الذي استمر عشر سنوات في دول مختلفة ومدن كبرى كانت حاضنة لحركة فنية مميزة وخاصة نيويورك وروما وبومبي.
كنت جادا في علاقتي بهذه الساحة العزيزة ولقد أثمرت هذه العلاقة الكثير من الصداقات الغالية على نفسي وكذلك كتابا او كتيبا ضم حوارات مع اعمال فنية مختلفة نشرته باللغتين العربية والإنجليزية بمساعدة النادي الادبي في الرياض وكذلك شركة Amazon.
واستطيع القول اليوم أن تاريخ الفن التشكيلي المعاصر في بلادنا من اكثر ذاكرتنا الثقافية غموضا واختلاطا وخاصة في تاريخ بداياته وان كثرة ما نقرا فيه عن ” النجوم ” يجعلنا نعيد النظر فيما قراناه من مدائح في مواقع صحفية متباعدة لا يخلو بعضها من الشللية أو فن صناعة النجوم واحيانا نرجسية البعض في اخفائهم تجارب الاخرين الذين استمروا في الظل بسبب طبيعتهم الانطوائية او بعدهم عن المدن الكبرى او قلة معارفهم اوعلاقاتهم الضعيفة بالإعلام.
وفي الجانب الاخر لا ننسى أن بلادنا انتجت العديد من الفنانين التشكيليين سواء اولئك المحظوظين ممن وجد الرعاية والدعم وتمكن من الظهور في الداخل والخارج وتربع بحق على مقعد العالمية أو من حال حالهم ( من الفنانين الحقيقيين ) الى ما دون ذلك
وكذلك لا يجوز أن نغفل الاضافة التي شارك بها الكثير من الاخوة والاخواة من الفنانين المميزين إن بلادنا من جنسيات عربية مختلفة عاشوا بيننا في مدن عدة استاثرت جدة والرياض والدمام بنصيب ملحوظ منهم.
والفريقان من ابناء الوطن اللذان اكتسبا مصداقيتهم وخبراتهم الوجدانية التي تجسد تراكمات الزمان والمكان في ابداعاتهم بعيدا عن التعثر في التخمة والترهل الاستهلاكي كما يجري مع بعض منازعات فنون ( البوب ارت ) سواء من تحقق له الانطلاق والشهرة او حتى العالمية او اولئك الذين قعدت بهم الظروف كلا الفريقين ظهر منهم العديد الاسماء التي تستحق بجدارة أن توصف بانها ينابيع حقيقية للابداع.
واحقاقا للحق وتأكيدا للفخر بما وصل اليه العمل التشكيلي في الساحة الفنية لدينا ما يجعلني اجزم بان كثيرا من الفنانين التشكيليين في بلادنا بلغوا من التفوق والأسبقية والنضج في الممارسة الإبداعية (منفردين ) ما يجعلنا نطمئن أن مخزوننا من التجارب سيضئ الكثير الدروب للاجيال القادمة والتي تكبد وعورتها الجيل الحالي والذي سبقه الى هذه الساحة ولكن قلة الدراسات وضعف التوثيق قد يشكل بعض العوائق للاستفادة هذه التجارب الثرية المتوهجة
وفي تجربة قريبة قد لا تتجاوز العام وجدت أن مدينة سياتل تحتفل كل عام بمعرضها الفني الدولي والذي شارك فيه هذا العام الكثير الفنانين التشكيليين اوروبا واسيا بالاضافة الى حضور الكثير من اعمال التشكيليين الامريكان الجديدة ومنها اعمال كنت قد شاهدت امثالها من حيث الفكرة لدينا من سنوات مثال ذلك استخدام الكتب في الكولاج وهو عمل شاهدته في معرض للاستاذ عبدالله ادريس من سنوات طويلة.
آخر المقالات من عرب تريبيون
أثار النجم المصري محمد رمضان تفاعلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، بسبب سؤال
كشف الفنان المصري تامر حسني، عن ملامح أول دويتو غنائي له مع مواطنه رامي صبري. ونشر
ذكرت تقارير إعلامية أن النادي الأهلي يواصل العمل على تعديل أوضاعه خلال فترة الانتقالات الشتوية. قال
أعلن نادي الزمالك التقدم بشكوى رسمية إلى الاتحاد المصري لكرة القدم ورابطة الأندية ضد الحكام بسبب
استشهد وأصيب عشرات الفلسطينيين بينهم أطفال ونساء، اليوم، في عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة، والذي