المعدن الأصفر يغرد خارج السرب بانتعاش مبيعاته أسواق الذهب بالشارقة .. رحلة عبر الزمن والثقافات

بقيت مجوهرات “جي جي وأولاده ” شاهدة على بدايات تجارة الذهب في الشارقة عندما قدم مؤسسها من الهند في العام 1965 ليدشن اول محل لتجارة الذهب في أحد أزقة السوق المركزي بالشارقة قبيل افتتاحه ب 13 عاماً.
ووفقاً لمدير المحل جومان شاهمدار فإنه نظراً للمزايا المتعددة التي تتمتع بها تجارة الذهب بالإمارة فقد وسع “جي جي” فروعه ضمن الجناح المخصص لتجارة المعدن الأصفر في السوق المركزي بالشارقة ليصل عددها إلى أربعة فروع من أصل ستة فروع له على مستوى الدولة.
وأظهرت بيانات دائرة التنمية الاقتصادية في الشارقة أن إجمالي عدد الرخص التجارية المخصصة لتجارة الذهب والأحجار الكريمة واللؤلؤ وصلت إلى 727 رخصة فيما سجلت نسبة نمو العضويات المسجلة في غرفة تجارة وصناعة الشارقة 138 بالمئة خلال العشر سنوات الأخيرة.
وتنتشر في الشارقة العديد من متاجر الذهب والمجوهرات في منافذ البيع الكبرى وخصصت أسواق لبيع المعدن الأصفر منها “مركز الذهب” الذي يشكل مقراً للعديد من محلات الذهب العالمية و”سوق الذهب بالرولة” بالإضافة إلى السوق المخصص للمتاجرة بالذهب والمجوهرات ضمن السوق المركزي في الشارقة.

تحفة منفردة
بين ثنايا الماضي وبريق المعدن الأصفر يبرز السوق المركزي في الشارقة المسمى ب”السوق الأزرق” واحداً من أكثر الوجهات السياحية والتجارية المخصصة للمشغولات الذهبية إقبالاً نظراً لمكانته التاريخية وتميز مقتنياته المتنوعة التي تلبي كل الأذواق مما ينعش تجارته ويستقطب السياح من جميع الجنسيات.
ويشكل السوق المركزي بالشارقة معلماً منفرداً ضمن معالم إمارة الشارقة الذي يعود افتتاحه إلى العام 1978، ليجسد تحفة معمارية بتصميمها الهندسي على شكل قطار بخاري مزخرف بالنقوش الإسلامية والملونة بالأزرق الخلاب ويتميز بإطلالته الساحرة على بحيرة خالد الهادئة.
ويتكون الصرح الضخم من جناحين رئيسين، متوازيين طويلين بثمان شرفات، ويتصلان بجسرين يربطان بينهما، لتكون اطلالة متاجر الذهب ساحلية بينما يطل الجناح الآخر المخصص للتجارة المتنوعة والتحف والأقمشة على أحد شوارع مدينة الشارقة.
ويضم “السوق الأزرق” ما يقرب من 600 متجراً جعله تحفة فنيه منفردة في الشرق الأوسط ومعبرًا عن عراقة ومكانة إمارة الشارقة.
ويشكل السوق وجهة سياحية وثقافية للعديد من الأفراد لملامسة ثقافات العالم عن قرب من خلال مشغولاتها الذهبية وتصاميمها لتقليدية.

الملاذ الآمن
وفي الوقت الذي يشهد فيه سوق الذهب العالمي تراجعًا ملحوظًا في الإقبال نتيجة ارتفاع وتذبذب الأسعار، يواصل سوق الذهب بالشارقة استقطاب المتسوقين والزوار بجاذبية لافتة ليبقى نابضًا بالحياة والتفاعل.
وبينما أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي خلال الأشهر الماضية من العام الجاري تراجع الطلب على المجوهرات الذهبية في بعض الأسواق العالمية، يؤكد تجار الذهب بالشارقة استمرار الإقبال على الشراء حتى مع ارتفاع سعره وتذبذبه أخيراً مع تزايد الشراء خلال المناسبات والعطل بنهاية الأسبوع.
يقول البائع اليمني أحمد صلاح بقي السوق المركزي بالشارقة ضمن جناحه المخصص لتجارة الذهب نموذجاً للتكيف والابتكار في مواجهة التحديات الاقتصادية، مؤكداً مكانته كوجهة رائدة للتسوق والتميز في عالم المجوهرات.
ويضيف صلاح أن الزوار يقصدون السوق المركزي من كل دول العالم ولديه زبائن دائمين من عُمان وقطر والسعودية بالإضافة إلى متسوقين وسياح من جميع أنحاء الإمارات لما يتميز به سوق الذهب في الشارقة بسمعته كمركز تجاري رائد للذهب والمجوهرات، إذ يضم مجموعة واسعة من المحلات التي تعرض تصاميم فريدة بجودة عالية.
ويؤكد البائع وائل اليافعي أن الإقبال على شراء الذهب لم ينقطع في السوق، فالذهب برأيه يبقى سلعة مطلوبة رغم ارتفاع أسعاره كونه الملاذ الآمن للاستثمار.
ويضيف اليافعي ان سوق الشارقة المركزي بجناحه المخصص للذهب يتميز بالتنوع الكبير في القطع المعروضة، التي تلبي مختلف الأذواق والميزانيات، بالإضافة إلى الخدمات المتوفرة كافة..

جوهرة التراث والتجارة
وتفيض أزقة السوق التي تعلوها الأقواس المزخرفة، بالنشاط والحياة لتوافد متواصل للزوار الذين جاءوا من داخل وخارج الإمارات بهدف اقتناء الثمين وشراء الهدايا الفاخرة او للاستمتاع بأجواء السوق التراثية التي تفيح بعبق الماضي.
ويجد متسوقون أن السوق ليس مجرد مكان لبيع الذهب والمجوهرات، وإنما يشكل جوهرة ورمزاً للتراث والتجارة وكذلك السياحة في آنٍ واحد.
تقول الزائرة الإيرلندية الين كاير … أنها حضرت إلى السوق لشراء قطعة ذهب لتهديها لوالدتها مشيرة إلى ما ينفرد به سوق الذهب بالشارقة من متعة خاصة تجمع بين التراث والفخامة والاستمتاع بجمال المجوهرات الفاخرة التي تناسب كل الأذواق.
أما المتسوقة أم علي فهي معتادة على الحضور من عُمان إلى الشارقة لشراء الذهب خلال العطلات والمناسبات المختلفة، إذ تجد أنه المكان المفضل لديها للتسوق لجمال وجودة وتنوع معروضاته ولسحر المكان.
ويجد السائح الفرنسي نيكولاس بلانديل الذي حضر مع عائلته، أن سوق الذهب بالشارقة يأخذ الزائر إلى عالم آخر مليء بالبريق والألوان اللامعة وسط تصميمه الفريد ومحاله المتميزة “لم أكن أتوقع أن أجد هذا التنوع الكبير من التصاميم والمجوهرات… كل متجر يحمل قصة فريدة.”
وتجد الزائرة المصرية دعاء أحمد أن زيارة السوق المركزي بشقيه المخصصين للسلع والذهب تغني عن زيارة مراكز تجارية ووجهات سياحية بوقت واحد فهو يجمع التراث والحاضر وكذلك التجارة ليقدم تجربة فريدة لا تُنسى لكل من يزوره.

فخامة وأصالة
وفي الوقت الذي تتنوع فيه معروضات القطع الذهبية والمجوهرات الفاخرة في السوق المركزي بالشارقة يحرص العديد من تجار السوق على المحافظة على عرض الحلي النسائية التراثية التي ارتدتها المرأة الإماراتية منذ القدم وورثتها لنساء الحاضر لتنقل كل قطعة من الحلي التراثية قصة تعبر عن الفخر والاعتزاز بالهوية الثقافية.
وتبرز على واجهات العديد من المتاجر قلادة “المرية” المكونة من سلسلة طويلة من الذهب، والمزينة بالعملات الذهبية الصغيرة و”المرتعشة” التي ترمز إلى الثراء والمكانة الاجتماعية.
يقول البائع صالح إلى انه بقي الإقبال على “المرية “و”المرتعشة” رغم انهما من أقدم الحلي الإماراتية التي تعكس التقاليد الإماراتية وكذلك “الكواشي”.
تشير الجدة الإماراتية أم عبد الله التي حضرت سوق الذهب مع ابنتها لشراء بعض القطع التراثية أن المرأة الإماراتية تحرص على اقتناء الذهب انطلاقاً من الموروث الشعبي، مشيرة إلى أنه رغم تغير الأزمان بقيت المرأة الإماراتية محافظة على تقاليدها وتفضل القطع الذهبية التراثية التي تعتبرها من المقتنيات الثمينة لمدلولاتها وجمال تصميمها.
كما تبرز في السوق العديد من القطع التراثية مثل “الطاسة” المخصصة للرأس و”الكواشي” و”القلادة” وغيرها من القطع المخصصة والثقيلة مثل “الحزام” الذي يلبس حول الخصر ويدل على الانتماء والفخر بالتراث.
وتأخذ المتاجر المنتشرة في أروقة السوق المركزي بالشارقة زوارها برحلة عبر الزمن والثقافات، ويحكي كل ركن فيه قصة الإمارة وتراثها الغني، إذ تتداخل الحرفية مع التراث ليشكل تجربة تسوق فريدة ومليئة بالقصص واللمسات الذهبية.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون