إسرائيل تواصل تحدي الضربات الدبلوماسية الدولية

للمرة الثانية في أقل من أسبوع، تعرضت إسرائيل لضربة مؤلمة على يد محكمة دولية يوم الجمعة، حيث أمرت محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم على مدينة رفح في غزة “فورًا”.

تقرير لجيمس شوترفي صحيفة “فايننشال تايمز” يسلط الضوء على ما واجهته إسرائيل الأسبوع المنصرم من “ضربات دبلوماسية”، في أكثر من محفل دولي، على وقع استمرار عملياتها العسكرية في قطاع غزة.
وفق التقرير، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أصر مرارًا وتكرارًا على أن العملية في رفح ضرورية لهزيمة حماس – التي أشعلت الأعمال العدائية الحالية بهجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) – حيث تُعتبر المدينة آخر معقل كبير للجماعة المسلحة في غزة.
لكن في أمر شديد اللهجة، قالت أعلى محكمة في الأمم المتحدة إن الظروف الإنسانية في المدينة، التي أصبحت ملاذًا لأكثر من مليون مدني منذ اندلاع الحرب العام الماضي، كانت “كارثية” وأن جهود إسرائيل لحمايتهم كانت غير كافية.
مأزق دبلوماسي
وبحسب الصحيفة، فقد مثل هذا الإجراء ختاما لأسبوع كشف عن تزايد عزلة إسرائيل الدبلوماسية مع استمرار الحرب في غزة لشهرها الثامن.
وسعى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بسبب الحرب، وتعهدت ثلاث دول أوروبية يوم الأربعاء بالاعتراف بفلسطين.
كما يبرز أسبوع الانتكاسات كيف تشدد الرأي العام الدولي منذ أن أرسلت إسرائيل قواتها إلى رفح في وقت سابق من هذا الشهر، رغم التحذيرات المتكررة من مجموعات الإغاثة من الكارثة الإنسانية لمثل هذه الخطوة، وتوسلات حتى من أقرب حليف لها، الولايات المتحدة، بعدم القيام بذلك.

تقول شيلا بايلان، الخبيرة في القانون الدولي وحقوق الإنسان “هناك زخم قانوني الآن من كل من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وهو أمر ضخم جدًا من أجل وقف العمليات العسكرية”.
وتضيف: “كان بيان محكمة العدل قويا للغاية، وهو بمثابة تخل الواضح عن إسرائيل وموقفها”.
رد إسرائيل
في إسرائيل، كان الرد الأولي على أمر محكمة العدل الدولية – كما كان على التحركات السابقة من قبل المحكمة الجنائية الدولية والدول الثلاث التي تخطط للاعتراف بفلسطين – هو الغضب والتحدي.
أصر بيني غانتس، الجنرال السابق والسياسي المعارض الذي انضم إلى مجلس الحرب الخاص بنتانياهو في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، على أن إسرائيل “ملتزمة” بمواصلة القتال “لاستعادة رهائنها وضمان سلامة مواطنيها”.
في هذه الأثناء، قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إن رد إسرائيل على “الأمر ة من المحكمة المعادية للسامية في لاهاي يجب أن يكون احتلال رفح، وزيادة الضغط العسكري والهزيمة الكاملة لحماس”.
لكن السياسيين الفلسطينيين رحبوا بالحكم، وقالت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا، التي رفعت القضية، إنها ستتوجه
الآن إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتنفيذ أمر المحكمة.
قال زين دانغور، أعلى موظف مدني في وزارة التعاون الدولي في جنوب أفريقيا: “هذا الأمر هو إنجاز تاريخي لأنه أول مرة يتم فيها ذكر صريح بضرورة وقف إسرائيل لأعمالها العسكرية في أي منطقة من غزة – هذه المرة بشكل محدد في رفح”.
وأضاف: “بينما لا تستطيع المحكمة قانونيًا استخدام مصطلح وقف إطلاق النار، كما لم نتمكن قانونيًا من المطالبة بمصطلح وقف إطلاق النار – يعد هذا فعليًا دعوة لوقف إطلاق النار”.
بينما لا تعترف إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية، فهي عضو في محكمة العدل الدولية – التي أُنشئت في أعقاب الحرب العالمية الثانية – وككل الأعضاء، هي ملزمة بتنفيذ أحكامها.
هل القرار ملزم؟
مع ذلك، فإن محكمة العدل الدولية ليس لديها وسائل لإنفاذ أحكامها بنفسها: ففي عام 2022، أمرت روسيا بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا، لكن موسكو تجاهلت الأمر ببساطة.


نظريًا، يمكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض عقوبات على إسرائيل إذا رفضت تنفيذ أمر محكمة العدل الدولية. لكن مثل هذه الخطوة لن تكون ممكنة إلا إذا تخلت الولايات المتحدة عن سياستها السابقة في عرقلة تحركات الأمم المتحدة التي تُعتبر معادية لإسرائيل.
عقوبات فورية
يوآف شاني، أستاذ القانون الدولي العام في الجامعة العبرية بالقدس وزميل كبير في معهد الديمقراطية الإسرائيلي قال إن “تجاهل القرار لن يؤدي إلى عقوبات فورية، حيث من المرجح أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار من مجلس الأمن بهذا الشأن”.
لكن، حتى لو لم يؤد حكم محكمة العدل الدولية إلى فرض عقوبات، يرى المحللون أنه قد يكون له عواقب غير مباشرة على كيفية تعامل الدول الأخرى مع إسرائيل، خصوصًا فيما يتعلق بالتحركات التي قد تدعم جهدها الحربي.
في الأسابيع الأخيرة، كانت واشنطن وحكومات في أوروبا تراجع مدى استخدام الأسلحة التي زودت بها إسرائيل بما يتماشى مع القانون الدولي.
يضيف شاني: “من الممكن فرض عقوبات ثنائية من جانب الدول مثل تخفيض العلاقات الدبلوماسية أو القيود على صادرات الأسلحة”.
وتابع: “في بعض النواحي، هذا أكثر أهمية من طلب المحكمة الجنائية الدولية، لأنه يتدخل في عملية عسكرية جارية ويشير إلى أنها غير قانونية في ظل الظروف الحالية”.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون