كيف ساهمت رؤية السعودية 2030 في مواجهة الإرهاب والتطرف؟.. «Arab Tribune» يوضح

منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، وكان من أولوياتها هو حرصها على معالجة ومحاربة الأفكار المتطرفة والأيديولوجيات الحزبية والحركية، وتأكيد موقف الداعي إلى نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش ونبذ دواعي الكراهية والتطرف، وهو ما أدى بدوره إلى ضبط الخطاب الدعوي والبعد عما يثير الفتنة أو يحض على العنف أو يروج لأفكار تخريبية.

«سنعود بالمملكة إلى الإسلام المعتدل»، أهم رسالة سياسية عالمية جاءت في حديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حينما أعلن عن القضاء على التطرف ومشروع الصحوة وخطاب دعاة السياسة الأممي قائلاً: “استطعنا خلال سنة واحدة أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة”.

كان المجتمع السعودي يعاني من أزمة ثقافية حقيقية في مفهوم التسامح، استمرت خلال الفترة من عام 1979 وحتى الثلث الأول من عام 2016، وذلك حتى جاءت رؤية السعودية 2030 لتقوم بعمل إصلاح جذري، مبني على أسس وقيم راسخة، تستمد أصولها من جوانب الدين واللغة والتاريخ.

أدى تغلغل جماعة الإخوان الإرهابية في مفاصل العديد من المؤسسات بسبب سطوة الصحوة إلى معاناة المجتمع السعودي من ويلات الإرهاب، نتيجة لما كان يقوم به أدواتها ورموزها من دعاة السياسة الذين كشفت حقيقتهم أحداث ثورات الربيع العربي، والتي حاولوا استغلالها لتخدم أجندتهم السياسية.

تشهد السعودية اليوم أكبر طفرة في النشاط الثقافي والفني، ونهضة غير مسبوقة في المجالات السياسية والتشريعية والقضائية والاقتصادية والعمرانية وغيرها، وهذا يصاحبه بالضرورة نهوض مجتمعي، يغربل الكثير من العادات والتقاليد والموروثات، التي ليس لديها الأصالة للصمود في وجه رياح التغيير، وهي عملية بالغة الصعوبة، والتعقيد مهما بدت سريعة وسهلة الحدوث.

وفي سياق متصل، أثبت المجتمع السعودي للعالم أنه استطاع التغيير، وأنه مؤيد بشكل كبير للإصلاحات الجديدة وطريقة عمل ولي العهد، وهذا ما أكده التقرير الذي نشرته إيدلمان باروميتر 2021، أن السعودية تحتل المركز الأول بين دول العالم في ثقة السكان بحكومتهم وقيادتهم، فعند الحديث مع المواطنين السعوديين حول رؤية 2030 يرددون: “سوف ندهش العالم”.

حرصت رؤية المملكة 2030 على محاربة الأفكار المتطرفة، وهذا ما جعل كثيراً من وسائل الإعلام والصحف العالمية حتى من كان منها يهاجم المملكة حتى وقت قريب وآخرها تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست تناولت فيه كيف أصبح السعوديون أكثر فخراً بوطنهم.

إن القوة الثقافية والتسامح والانفتاح الفكري على العالم يعمل على تدمير أغلال التطرف في المجتمع؛ وهي أساس عملية التنمية في المجتمعات، وكَوْن التنمية عملية متحركة، وكان في السابق يحلو للسعوديين تسميته بعصر ما قبل القضاء على الصحوة والتطرّف تُغيظ رموز الصحوة وأنصارها أو مايُمكن نعتهم “بأعداء التنمية”.

كانوا ينهوش المجتمع بإبهامه بأفكار يسعون من خلالها إيقاف عجلة التنمية، تختلف المحاولات مرة نراهم يستخدمون المبررات الدينية لغرض ضرب مشروع أو هزّ فكرته، وتاراتٍ أخرى بتجييش المجتمع تحت يافطة الفساد وضياع المال العام وإهدار الثروة.

هدف رؤية المملكة 2030 إلى تطوير وتنويع الاقتصاد، تطوير القضاء، تطوير التعليم، تطوير الصحة، بناء المدن الحالمة، والمشاريع السياحية غير المسبوقة، وكل ما يحقق جودة الحياة والترفيه وتطوير كل مجالات الحياة والإدارة هي ليست تغريباً بل هي حركة الحياة الطبيعية التي يجب أن تكون.

وفي هذا الصدد، استطاعت رؤية السعودية 2030 اليوم تحويلها إلى جدار صلب ضد اختراقات التطرف والطائفية والخطابات التحريضية، بسبب الربط الثقافي المتقن الذي أعاد إنتاج تنوعها من جديد، ثم أطرها في إطار وطني عام واحد.

تلعب الرؤية دورًا هامًا في ترسيخ التسامح والاعتدال، وإبراز التنوع البشري، من خلال تعزيز دورها في التعايش في عالم سادت فيه تيارات العنف والتطرف والإرهاب باسم الأديان أو التمييز العنصري، ولا شك أن مواجهة كل هذه التحديات ما كان لها أن تنجح لولا الإصرار على جعل التسامح والاعتدال والتعايش أولوية قصوى.

يتم طرح هذه المفاهيم في رؤية السعودية 2030 كأسلوب حياة، ومبدأ العمل المؤسسي المستدام عبر تشريع القوانين والسياسات التي تتعلق بهذه المبادئ وقيمها المتعددة، مثل: الحوار، تقبل الآخر، الانفتاح على الثقافات المختلفة، خصوصًا لدى الأجيال الجديدة، وهو ما يلمسه في الوقت الراهن كل فرد مهما كانت مرجعيته الدينية أو الثقافية بشكل إيجابي في أول زيارة له أو معايشة للمجتمع السعودي بصورة عامة.

وفي الختام، أصبحت السعودية اليوم متسامحة، متعايشة، وينمو هذا معها بازدياد كل يوم، ليكون أسلوب حياة، وتحرز أماكن متقدمة بين مثيلاتها في العالم، وثمة محددات يمكن أن تقدم لنا نماذج على جودة الحياة عالية الطراز في المملكة العربية السعودية، ويمكن أخذها دليلًا على مدى التقدم في ترسيخ التسامح والاعتدال والتعايش، وتمكينه في المجتمع السعودي.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون