استقال قرداحي أخيرًا “فمن يربح المليون” الآن؟!

استقال قرداحي أخيرًا "فمن يربح المليون" الآن؟!
استقال قرداحي أخيرًا "فمن يربح المليون" الآن؟!

أخيرًا أعلن وزير الإعلام اللبناني مذيع “من يربح المليون” السابق جورج قرداحي تخليه عن منصبه الوزاري يوم الجمعة الثالث من ديسمبر الحالي، وهي استقالة فسرها قرداحي نفسه بأنه أرادها أن تكون ورقة في يد الرئيس الفرنسي ماكرون قبل لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليكون بمقدوره تهدئة التوتر المتزايد بين لبنان وعدد من دول الخليج.

لكن في ثنايا الحماس الرسمي والشعبي لاستقالة قرداحي في جهة المؤيدين لموقف السعودية ودول الخليج، والغضب المقابل له في أوساط المؤيدين لحزب الله اللبناني الذي كان داعما منذ اللحظات الأولى “للموقف الشجاع والشريف الذي اتخذه معالي وزير الإعلام الأستاذ جورج قرداحي من موقعه الإعلامي والأخلاقي والوطني دفاعا عن شعب اليمن المظلوم، وتوصيفه للعدوان على حقيقته باعتباره عدوانا أدى إلى سفك الدماء وقتل مئات الآلاف وحصار شعب بأكمله تحت مخاطر الجوع والمرض”، وذلك بحسب نص البيان الذي أصدره الحزب عقب تفجر الأزمة في نهاية أكتوبر الماضي.

أقول انه في ثنايا الحماس والحماس المقابل وهي عادة عربية قديمة تغاضى كثيرون عن بضعة أسئلة تبدو لي جوهرية ومهمة من شأن الإجابة عنها أن تنير الظلال التي خيمت على جوانب الأزمة المفتعلة.

أول هذه الأسئلة، لماذا استقال قرداحي أخيرا بعد مرور ما يزيد عن شهر من تصريحاته التي أثارت الأزمة، ولماذا لم يستقل في بدايتها إذا كان صادقا فيما قاله في خطاب استقالته من إنه “لا يقبل أن يستخدم كسبب لأذية لبنان واللبنانيين في السعودية ودول الخليج”، فكيف لمن يحمل هذه الروح وذلك الإيثار أن يماطل في الاستقالة مخاطرا بأرزاق عشرات الآلاف من أبناء بلده الذين يعيشون ويعملون في دول الخليج الغاضبة من وزير “من يربح المليون”.

قد يرى البعض إنه رفض الاستقالة في البداية لإنه كما قال أراد إن يقول إن “لبنان لا يستحق هذه المعاملة وإنه ولو كان يمر بصعوبات كبيرة ويبدو لأشقائه بأنه دولة ضعيفة، إلا أن في لبنان شعبا له كرامته وعزة نفسه واستقلاله وحريته وسيادته”، وإذا صدقنا ما قاله قرداحي فما الذي حدث مؤخرا ليستقيل ويجعل لبنان يبدو لأشقائه دولة ضعيفة ترضخ للضغوط؟! ألم يكن من الأجدر به أن يتمسك بموقفه خصوصا في ظل دعم حزب الله ويضمن بذلك أن يدخل كتب التاريخ كأول مسؤول لبناني قاوم التدخلات الخارجية وانتصر؟!

ثالثا لم يتوقف كثيرون عند ملاحظة بسيطة أن استقالة قرداحي التي قدمها لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مؤرخة بتاريخ الثالث من نوفمبر 2021 وليس ديسمبر، أي أن الرجل كتب الاستقالة منذ شهر كامل قبل أن يعلنها على الهواء، فلماذا كتبها؟ ولماذا لم يعلنها في وقتها؟ وهل كان هناك من يحرك الأحداث من خلف الستار طوال تلك الأزمة المفتعلة مثل مثل عرائس الماريونيت؟!

وفقا لنظرية المؤامرة التي رغم سخافتها لا يمكن إبعادها عن تفسير العديد من الأحداث في وطننا العربي، فان المستفيد الوحيد تقريبا من التصعيد غير المبرر للأزمة هو حزب الله، في ظل تقارير غربية تحدثت عن فحوى المساومة مع ماكرون وهي استقالة قرداحي مقابل وقف او تجميد التحقيقات في تفجيرات مرفأ بيروت التي تشير بعض الأدلة إلى الحزب كمتهم رئيسي فيها، خصوصا انه الجهة اللبنانية الوحيدة مع حركة أمل الشيعية التي هاجمت قاضي التحقيقات واتهمته بانه مسيس لمجرد انه تجرأ على استدعاء عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين للاستجواب في القضية!

يمكن أن نذهب أبعد قليلًا في نظرية المؤامرة لنطبق بعض خطط الشطرنج المعقدة التي يقوم فيها اللاعب بتحريك قطعة ما على رقعة الشطرنج دون أن يبدو أن تحريكها مهما، لكنه بعد 4 أو 5 نقلات يباغت بها خصمه للقضاء عليه وإنهاء الدور، وفي هذا السياق يمكن تخيل أن تسمية جورج قرداحي وزيرا للإعلام بعد حوالي شهر من تسجيله حلقة “برلمان الشعب” لقناة الجزيرة التي شهدت تصريحاته المثيرة للأزمة لم يكن صدفة، مثلما أن إذاعة الحلقة بعد أكثر من شهرين من تسجيلها (سجلت الحلقة مع قرداحي في 5 أغسطس 2021، وتم بثها في 25 أكتوبر أي بعد تولي قرداحي منصبه الوزاري) أيضا لم يكن صدفة، وكذلك عناد قرداحي في تقديم الاستقالة التي طلبتها السعودية تحديدا ودعمتها الكويت والبحرين لم يكن مجرد انعكاس لعزة النفس وعدم الرغبة في الرضوخ للضغوط، وإنما كان الهدف هو ترك الأزمة لتتصاعد مع النفخ فيها بتصريحات وبيانات من قرداحي نفسه ومن حزب الله حتى تبدو وكأنها معركة كرامة، وكل ذلك حتى تبدو الاستقالة حين تحدث “وكان من المؤكد ان تحدث”، تنازلا ضخما من حزب الله يستحق عليه في المقابل أن يتم تجميد التحقيقات قبل توريط بعض المحسوبين عليه في عريضة الاتهام فيها مع ما يتوقع أن يجلبه هذا على الحزب من عقوبات دولية.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون