محمد عبد الرحمن يكتب: المخصيون النبلاء

السودانيون يموتون جوعاً داخل بيوتهم في الخرطوم، عاجزين عن الخروج لشراء رغيف الخبز عزيزِ المنال، تحت القصف، وتهديد عصابات القتلة والنهابين..
تمر هذه الحقيقة تحت أنوفنا
دون أن تُخرجنا عن مواتنا الداخلي
نحن العرب
نحن البشر
نحن اللاهين بصفقات كرة القدم
وأسعار السيارات الجديدة
ومنتجعات الساحل
ورحلات الشتاء والصيف
والانتخابات
والانتهابات
وانقطاع التيار الكهربائي
وعودته
نحن المشغولين حتى ارتفاع الضغط
باللايك
والشير
..
حتى الحزن
لمن يحزنون
صار شعورا رخيصاً مبتذلاً..
دعكم من الحزن،
أيها الحزانى
المخصيون النبلاء
فهذا شعور لا يُقدم ولا يؤخر، وقولوا مثلي مرحباً للكفر بالسياسة..
فأنا لم تعد تنطلي عليَّ تلك اللعبة، لعبة من يحكم من، ولماذا وكيف..
لم أعد أرضى الآن إلا بإيقاف موت الناس جوعاً، أو قصفاً..
فلينتصر من شاء له القدر، وليحكم من شاء له الهوى..شرط أن يعصم الناس من الموت جوعا..
أوقفوا الموت الآن في السودان.
..
تُوفّي في نوڤمبر الماضي شاعرُ اليمن الكبير عبد العزيز المَقَالِح الذي مات من الحزن لا من الجوع،
بعد أن قال في قصيدتِه (الحرب):

أيها الجائعون
ابشروا
لن تجوعوا
فقد أذّن المتوضّون للحرب
وانهمرت في الشوارع والطرقات
شظايا الأناشيد،
هيا ابشروا
لن تجوعوا
كلوا من لحوم المدافع
من شحم دبابةٍ
لا تخافوا من الموت
فالموت أغنيةٌ عذبةٌ
والشهادة واجبةٌ
وهناك وراء القبور المغطاةِ
بالزهر مائدةٌ ،
لن تجوعوا
ولن تظمأوا بعدها أبدا.
* * *
أيها الجائعون
أقول لكم :
انتظروا نعمةَ الحرب
فالحربُ قادمةٌ
وموائدُها مثقلاتٍ
بما لم تَروْهُ
ولم تسمعوهُ
ولم تقرأوا مثلَه
في كتابْ .
* * *
أيها الجائعون
أفيقوا…
ولا تصبروا
كل شيءٍ سيمضي
كما يشتهي الجوع
ليس كما يشتهي الجائعون
واحذروا
ليستِ الحربُ باباً لصبحٍ جديدٍ
كما يزعمون
أعيدوا السيوف لأغمادِها،
ليستِ الحربُ حلاً … إذاً
ليست الحربُ باباً إلى الله
باباً إلى جنةٍ
في اتساع السماوات
والأرض ،
لا بـِدمِ الأخويْن اللدودين
يكتبُ شعبٌ وثيقتَهُ
للبقاءْ.
..
أيها الجائعونَ
ندعو الله لكم
ولأنفسنا -نحن العاجزين-
بالسلوانِ والجَلَد.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون