“بلاك ووتر” و”فاغنر”… وقوات المرتزقة تقود حروب العالم القادمة


في إعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، تدرك انه يجري تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم للقيام بأنشطة تنتهك مبادئ القانون الدولي مثل المساواة في السيادة والاستقلال السياسي والسلامة الاقليمية للدول وحق الشعوب في تقرير المصير وإذ تؤكد ان تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم ينبغي ان يعتبر جرائم موضع قلق بالغ لجميع الدول، وان أي شخص يرتكب ايّا من هذه الجرائم ينبغي إما أن يُحاكَم أو يُسلّم، واقتناعاً منها بضرورة تنمية وتعزيَز التعاون الدولي فيما بين الدول لمنع هذه الجرائم وملاحقتها قضائياً والمعاقبة عليها، وإذ تعرب عن القلق لظهور أنشطة دولية جديدة غير مشروعة تشير الى اشتراك تجار المخدرات والمرتزقة في ارتكاب أعمال عنف تقوِض النظام الدستوري للدول،وإذ تعرب عن القلق لظهور أنشطة دولية جديدة غير مشروعة تشير الى اشتراك تجار المخدرات والمرتزقة في ارتكاب أعمال عنف تقوِض النظام الدستوري للدول،واقتناعاً منها أيضا بأن من شأن اعتماد اتفاقية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم أن يساهم مساهمة كبيرة في التخلص من هذه الأنشطة الشنعاء، ومن ثم في مراعاة المقاصد والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، إذ تدرك أن المسائل التي لا تنظمها هذه الاتفاقية تظل تحكمها قواعد ومبادئ القانون الدولي،التى تنص على :
1-«المرتزق» هو أي شخص، يجند خصيصاً، محليا أو في الخارج، للقتال في نزاع مسلح
ويكون دافعه الأساسي للاشتراك في الأعمال العدائية هو الرغبة في تحقيق مغنم شخصي، ويُبذل له فعلاً من قبَل طرف في النزاع أو بإسم هذا الطرف وعد بمكافأة مادية تزيد كَثيراً على ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم ، ولا يكون من رعايا طرف في النزاع ولا من المقيمين في اقليم خاضع لسيطرة طرف في النزاع وليس من أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع ولم توفده دولة ليست طرفا في النزاع في مهمة رسمية بصفته من أفراد قواتها المسلحة ، يجند خصيصاً، محلياً أو في الخارج، للاشتراك في عمل مدير من أعمال العنف يرمي إلى الإطاحة بحكومة ما أو تقويض النظام الدستوري لدولة ما بطريقة أخرى، أوتقويض السلامة الاقليمية لدولة ما.، ويكون دافعه الأساسي للاشتراك في ذلك هو الرغبة في تحقيق مغنم شخصي ذي شأن ويحفزه على ذلك وعد بمكافأة مادية أو دفع تلك المكافأة،ولا يكون من رعايا الدولة التي يوجه ضدها هذا العمل ولا من المقيمين فيها ، هـوليس من أفراد القوات المسلحة للدولة التي ينفذ هذا العمل في اقليم،.
خلال السنوات القليلة الماضية عقب الكشف عن فضيحة أو تسريب وثيقة أو محاكمة يشيب لتفاصيلها الولدان، إلا أن الجيوش الخاصة ظلت حبيسة أوراق شركاتها وأماكن قتالها وتشابكات علاقاتها بأنظمة ومصالح، وشروط تعاقداتها وغموض تفاصيلها ،

تفاصيل شركتي “بلاك ووتر” ومجموعة “فاغنر” الغريمتين النظيرتين اللتين يستخدم اسم كل منهما للإشارة إلى الأخرى، استرعت الانتباه العالمي خلال السنوات القليلة الماضية بسبب وقائع محددة وحوادث بعينها وفضائح مدوية ومحاكمات وصفها بعضهم بـ “غير العادلة،فقد جرى العرف أن يكون الجيش وطنياً خالصاً. كما يعرف الجميع أن التاريخ وكذلك الحاضر حافلان بقصص “المرتزقة” الذين يُستعان بهم على مضض أو استحياء أو في سرية لترجيح كفة فريق متحارب أو لخوض صراع مسلح دون الكشف عن هوية. أما أن تكون هناك جيوش مدربة عسكرياً وتبيع خدماتها لمن يرغب من العملاء “على عينك يا تاجر” ولها مواقع إلكترونية وصفحات لنشر فرص العمل المتوافرة والشروط المطلوبة وتلقي الطلبات وعقد الاختبارات ليصبح الناجحون مقاتلين قطاع خاص، فهذا ما كان يجري خلف أبواب مغلقة أو نصف مغلقة منذ تسعينيات القرن الماضي ولا يتصوره كثيرون ، وكثيرون لا يعرفون أن تأجير قوة عسكرية بمقاتليها للقيام بمهمات قتالية في معركة ما دون شرط الانتماء الأيديولوجي أو الشعور الوطني
نجد أن إدارات أميركية متعاقبة استعانت بـ “مقاولي” المقاتلين في حربي أفغانستان والعراق. ويشير الباحث في الشؤون الدولية محمد العربي في دراسة عنوانها “جيش الظلال: كيف أعادت حرب أفغانستان المرتزقة إلى الواجهة؟” (2021) إلى أن حجم المتعاقدين في الحربين بلغ 70 و50 في المئة من إجمالي القوات النظامية على التوالي. ويضيف أن “الحربين كانتا بمثابة نقطة تحول في تاريخ شركات المرتزقة والمتعاقدين، إذ أكدتا على عودتهم القوية بعد قرون من العمل في الخفاء. وسبب توسع الطلب الأميركي على خدمات المرتزقة والمتعاقدين هو تحول أولئك من مجرد بنادق للإيجار إلى شركات كبرى تتداول أسهمها في بورصات نيويورك ومكوناً رئيساً في الحرب الحديثة
في عام 1998، حذر ديفيد شيرار مؤلف كتاب “الجيوش الخاصة والتدخلات العسكرية” من التغيرات المتواترة التي طرأت على طبيعة القوات الأجنبية مدفوعة الأجر في أواخر القرن الـ 20. وقال إن “الشركات العسكرية” استغلت الميل المتصاعد لدى أنظمة غربية عدة لعدم التدخل المباشر في نزاعات خارج حدودها، فبدأ نشاطها ينتشر بشكل مكثف وبأطر قانونية من حيث التأسيس والتشغيل والعمل شيرار اعتبر هذه الشركات وجهاً حديثاً من وجوه المرتزقة الساعية إلى استغلال العنف لتحقيق مكاسب شخصية، داعياً إلى ضرورة إعادة فتح النقاش أمام هذه الظاهرة الخطيرة، ومؤكداً إنها ليست مجرد ظاهرة عابرة، متوقعاً زيادة نفوذها وأنشطتها في ظل استمرار التقشف العسكري الغربي وترسخ الرغبة في تقليص المشاركة المباشرة في النزاعات خارج حدودها وعلى الرغم من إشارته إلى أن الجيوش الخاصة قادرة على الوصول بصراع ما في دولة ما إلى مرحلة “الاستقرار” وتقديم يد العون لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لتنفيذ مهماتها، لكن العالم في أمس الحاجة إلى وضع قواعد صارمة للتأكد من أن هذه الجيوش الخاصة خاضعة للمساءلة، وذلك عبر تحقيق مبدأ شفافية العمليات العسكرية وعلاقات الـ”بيزنس” فيها

وتشير دراسة عنوانها “المرتزقة والحرب: فهم الجيوش الخاصة اليوم” لأستاذ العلاقات الدولية شون مكفيت والمنشورة في جامعة الدفاع الوطني الأميركية (2019) إلى أن براهين تأجير مقاتلين متوافرة منذ أصبحت هناك وثائق ولو حتى محفورة على الصخور. يقول إن التاريخ عرف المرتزقة اليونانيين واعتمدت قرطاج عليهم في حربها ضد روما،
اعتادت كلمة “مرتزقة” وكل ما يتعلق بها أن تثير مشاعر سلبية ونظرات استهجان، لكن مكفيت يحاول جاهداً أن يدحض هذه الصورة. يقول، “تعلمنا أن نكره المرتزقة باعتبارهم مرتكبي خطيئة، وفي الوقت نفسه نحب الجنود كأنهم قديسون، لكن هذه صور نمطية جاهلة. فكلاهما قام بأعمال نبيلة وكذلك بغيضة عبر التاريخ”. ليس هذا فقط، بل إن العاملين في مجال المرتزقة تعلموا تفادي استخدام الكلمة وكأنها سبة، ويحرصون على إطلاق أسماء على المهنة مثل “المقاول العسكري الخاص” أو “شركة الأمن الخاصة” أو “العسكريون غير النظاميين” وغيرها
الحرب الحديثة، وتحديداً تلك الدائرة رحاها في أوكرانيا، فتحت باب التطرق إلى الجيوش الخاصة بمسمياتها المختلفة على مصراعيه. فلم تعد الجيوش الخاصة عملاً يجري خلف أبواب الحكومات المغلقة أو تحت طاولات مفاوضات السلام المتعثرة، بل باتت مجالاً يتنافس فيه الأضداد ويتصارع على التفوق فيه الأقطاب
ولم تكن دعوة أوكرانيا “المتطوعين” الراغبين في القتال إلى جانبها للقدوم إلى البلاد لمواجهة القوات الروسية في بلاده إلا فيضاً في بحر منظومة الجيوش الخاصة التي لم تصبح فقط أمراً واقعاً بل مستقبلاً واعداً.
الوضع الحالى فى الحرب يدفع الجميع مجدداً للبحث والتنقيب في مسألة الجيوش الخاصة، فإذا كانت “بلاك ووتر” انتهجت طريق تغيير الأسماء مرات عدة مما أتاح لها البقاء في سوق الجيوش الخاصة أو شركات الأمن العسكري الخاصة واستمرار الحصول على تعاقدات بملايين الدولارات، فإن الشركة مستمرة في تقديم خدماتها الأمنية والعسكرية المدفوعة للحكومات والأفراد حول العالم، على الرغم من الانتقادات الحادة التي وجهت لها أثناء الاحتلال الأميركي للعراق وحوادث قتل المدنيين المنسوبة لموظفيها .

تقول أمينة خيرى أن القوة العسكرية الخاصة أصبحت “بيزنس” ضخماً وذا طابع دولي. موازناتها المليارية وربما الترليونية ستبقى حبيسة دفاترها الخاصة، وما يقترفه مقاتلوها على الأرض سيظل مسيساً، تارة حسب جنسية الشركة وانتمائها لأي من القطبين الرئيسين، وأخرى بحسب مهارتها في الإفلات من قوانين الحرب وقواعد القتال التي ما زالت قاصرة أو عاجزة أو حائرة في شأن التعامل مع الجيوش الخاصة.

والحديث عن كبح جماح الجيوش الخاصة أو تقليص توسع الشركات العسكرية أو أخلاقيات القتال لدى جنود القطاع الخاص أو ترجيح كفة الجيوش النظامية وما تحمله من عقيدة قتالية وليس تحصيلات مصرفية سيظل دائراً، لكن القتال بجيوش الظل والمقاتلين المستأجرين والقتل من دون حساب ستظل دائرة أيضاً وإلى زيادة …..
وعن وجود قوات فاجنر فى السودان ارت تقارير أمريكية مؤخراً الشكوك حول تدخل روسيا في المعارك الدائرة في السودان بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، وبحسب التقارير، فإن لروسيا دوراً في الصراع، إذ يشارك مرتزقة مجموعة فاغنر العسكرية المملوكة لرجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، في القتال ، وبحسب صور شاركتها مجموعة تابعة لفاغنر عبر تطبيق تلغرام قبل قرابة عامين، فقد ظهر قائد في مجموعة فاغنر في السودان وهو يمنح تذاكر لجنود سودانيين.
فما الدور الذي تلعبه مجموعة فاغنر الروسية في السودان؟ وما الأهداف التي تريد تحقيقها؟

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون