القاسمي يكتب عن “الفيلم الوثائقي” لمهرجان أفلام السعودية

ضمن إصدارات مهرجان أفلام السعودية الدورة التاسعة، يقدم الدكتور أحمد القاسمي كتابه “الفيلم الوثائقي: في جماليات الإنشاء والتقبل – تجارب علمية رائدة”، الكتاب تجربة للتبحّر في جماليات الفيلم الوثائقي على اختلاف عصوره، والغوص في بعض خصائص تشكيله ومسارب معانيه، وهذا ما تطرّق له الكتاب في جميع فصوله، التي اشتركت في قيامها على الجدل بين نزعات متضادّة، وانتقلت من جدل الممتع مع المفيد، إلى جدل التّسجيل مع التّخييل، إلى جدل الإنشاء مع التّقبل، إلى جدل مقاومة العولمة مع الخضوع لقانونها. وفيها وجدنا الفيلم الوثائقي يتبنّى غالبا مقاربات موضوعية تعتمد أساليب الحجاج والإقناع، وتستثمر مختلف الشهادات والموارد البصرية لتحقيق هذه الغاية. ولكن يجب ألا نثق مطلقا بالمبدعين. فمكرهم يجعلهم يسرّبون الذّاتي طي الموضوعي ويعتمدون مختلف الحيل التّقنية والأسلوبية لإذعان المتفرّج وحمله على التّفكير بطريقة يحدّدونها مسبقا. ولذلك فمن الخطأ الاعتقاد بأنّ الوثائقي يقدّم صورا أمينة للواقع. فعلى اختلاف أجناسه يمثّل، الأصيل المتقن منه رؤية جمالية ذاتية توظّف لعرض الموقف الفكري الخاص، بحيث لا يكون الشّكل مسألة شكلية، ولا ينفصل الممتع عن المفيد.

يقدم هذا الكتاب “مادّة خصبةً ومتشعّبة، على أساس علمي متقن، للدارسين والمهتمين بالسينما الوثائقية. كما أنه يفتح نافذة ثقافية للقارئ العام تقرّبه من جماليات هذه السينما في قراءات تطبيقية مختارة بعناية لأفلام تأسيسية ريادية منذ عشرينيات القرن الماضي ابتداءً بأبِ الفيلم الوثائقي؛ المخرج الأمريكي روبار فلاهرتي بأفلامه التي تبدأ بالانتصار للطبيعة وتختم بالانتصار للإنسان وسلطة الآلة والعوامل التي جعلت المخرج يصل إلى تلك القناعة، ويتزامن مع هذا المؤسس الأمريكي هناك رائد آخر هو الروسي دزيغا فرتوف الذي بذلَ جهداً رائداً لتنقية السينما الوثائقية من المظاهر الأدبية والمسرحية وجعلها خالصة للصورة السينمائية وذلك في فيلم “الرجل صاحب الكاميرا” (1928).”

المؤلف الدكتور أحمد القاسمي، أكاديمي وناقد سينمائي تونسي له العديد من الإصدارات في النقد السينمائي، كما أصدر روايتين ومسرحية، وهو حالياً أستاذ مادة “سيميائيات الأدب والسينما” بكلية منوبة.

يذكر بأن مهرجان أفلام السعودية تبنى برنامجاً منتظماً لإصدار الكتب بأهداف مستدامة، بتنظيم من جمعية السينما وشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام في وزارة الثقافة، وذلك بهدف رفد المكتبة السعودية والعربية بالكتب المتخصصة في مجال السينما، وستكون إصدارات هذه الدورة عن دار “جسور الثقافة للنشر والتوزيع”.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون