ما الذي تسعى إليه روسيا في الجزائر الفترة المقبلة؟ هل تخطط بالفعل لبناء قاعدة عسكرية بها في أعقاب الزيارات المتبادلة بقوة خلال الفترة الأخيرة وعلى أعلى مستوى؟
وكيف يكون الحال مع كل من فرنسا صاحبة النفوذ في شمال أفريقيا أو الولايات المتحدة التي ترفض بالمطلق الوجود الروسي، وتوسيع تمدد مرتزقة “فاجنر” في قلب أفريقيا وانتشارهم في ليبيا؟
سكرتير الأمن الروسي
وكان قد اختتم سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، زيارة للجزائر دامت يومين، وفجّرت الزيارة ضجة هائلة وردود أفعال كبيرة على المستويين العربي والدولي.
وبحث باتروشيف خلال الزيارة وفق المعلن، مع كبار المسؤولين الجزائريين، الزيارة المقررة للرئيس عبد المجيد تبون، إلى موسكو شهر مايو 2023 المقبل، وهى المؤجلة من العام الماضي. كما بحث علاقات التعاون في مجالات الدفاع والأمن، على خلفية الترتيب لاتفاق عسكري يتضمن شراء عتاد حربي روسي.
وقالت مصادر جزائرية رفيعة، إن مباحثات باتروشيف في الجزائر، تناولت التحضيرات للزيارة التي سيقوم بها تبون إلى روسيا بعد 3 أشهر من الآن، والتي يفترض أن تتوج بإبرام اتفاقات مهمة في مجالات عدة منها الصناعة الحربية والطاقات الجديدة والاستثمار، وفي قطاعات الأشغال العامة والري والزراعة.
التدخلات الغربية
وفي مؤتمر صحفي قال باتروشيف، إن التدخلات الغربية حوّلت أفريقيا والشرق الأوسط إلى واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في العالم. مشيداً بدور الجزائر في إحلال السلم والاستقرار في المنطقة.
ولم يثار القلق من زيارة باتروشيف للجزائر ولقائه الرئيس تبون، وقادة الجيش الجزائري من غرضها المعلن، وهو التحضير لزيارة الرئيس تبون لروسيا، ولكن من التسريبات التي تتردد بشأن خطط روسيا لتثبيت نفوذها في منطقة إستراتيجية ،على الحدود الجنوبية لأوروبا وحلف الأطلسي، وبالتحديد في الجزائر.
وقبل زيارة أمين مجلس الأمن الروسي، بارتروشيف للجزائر ولقاءاته الواسعة في الجزائر من القيادة السياسية إلى القيادة العسكرية، سبق لوزير الصناعة الروسي فازيلي أوسماكوف، أن التقى نظيره الجزائري حمد زغدار نهاية يناير الماضي. كما استُقبل السفير الروسي بالجزائر فاليريان شوفاييف من قبل الأمين العام لوزارة الخارجية عمار بلاني.
التعاون الاستراتيجي المعمق
وبدأ مسؤولون روس وجزائريون منذ أشهر، التحضير لـ”اتفاقية التعاون الاستراتيجي المعمق”، وجعلها حيز التنفيذ مع التوقيع عليها، خلال القمة المرتقبة في موسكو مايو المقبل.
ويرى خبراء ومحللون، أن روسيا لا تريد أن تضيع فرصة تراها سانحة الآن لتعزيز علاقاتها مع النظام الجزائري وتحقيق مكاسب إستراتيجية ضخمة، قد تكون من بينها إنشاء قاعدة عسكرية غرب المتوسط. بالإضافة إلى المضي قدما في الاتفاقيات العسكرية، التي من ضمنها صفقة ضخمة قيمتها الإجمالية تفوق 7 مليارات دولار.
وكان لافتًا خلال زيارة باتروشيف ومن سبقه تركيز المسؤولين الروس على زيارة الجزائر، وإطلاق تصريحات تؤكد أن الجزائر حليف إستراتيجي لموسكو واستغلال للموقف الجزائري المعلن في حرب أوكرانيا وعدم إدانة روسيا حتى اللحظة.
مناورات عسكرية
ويشير خبراء، إلى أن روسيا تبذل ما في وسعها في الوقت الحالي، لقطع الطريق أمام التقارب الغربي مع الجزائر.
وبدا ذلك واضحًا بعدما كشف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، عن إجراء المناورات العسكرية الجزائرية – الروسية، في محافظة بشار الجزائرية في نوفمبر الماضي، بشكل سري، وهو ما نفته الجزائر قبل ذلك في محاولة لتجنب الضغوط الغربية.
العلاقات العسكرية
وما يقلق الغرب وأوساط عدة، أن العلاقات العسكرية بين موسكو والجزائر، هى العنوان الأبرز والأكبر، في الشراكة بين الطرفين، حيث تعتبر الجزائر من أكبر مستوردي السلاح الروسي، ويجري إبرام صفقات تسليح ضخمة ومتتالية، الأمر الذي يثير مخاوف الغرب مما بات يوصف بـ”التعاون الوثيق” المهدد لمصالحه، خاصة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية. وبالموازاة كذلك مع رغبة البلدين في توسيع التعاون بينهما إلى مختلف القطاعات الصناعية والاقتصادية والزراعية.
الوجود العسكري الروسي
ووفق تقارير عدة، يحذر خبراء من أن تستغل روسيا الظروف الراهنة في الجزائر وزيادة الملفات الساخنة سواء بعلاقته مع المغرب أو أوراقه في ليبيا أو غيرها، لإقناعه بزيادة الوجود العسكري الروسي من خلال إنشاء “قاعدة عسكرية” على المحيط الأطلسي تماما، مثلما استغلت روسيا الظروف الصعبة للنظام السوري أثناء الحرب الأهلية ببناء “قاعدة حميميم” شرق المتوسط، والتي يصعب على أي قوة إخراجها منها، حتى لو تم التوصل إلى حل سياسي بشكل نهائي في الأزمة السورية، وفق تقارير غربية.
ثاني شريك تجاري
وتكشف بيانات رسمية جزائرية، عن زيادة حجم التعاون الروسي الجزائري، فالجزائر هي ثاني شريك تجاري لروسيا في القارة الأفريقية، بحجم تبادلات تجارية قارب 3 مليارات دولار عام 2021. كما أن الجزائر ثالث مستورد للسلاح الروسي في العالم، فيما تعد موسكو أول مموّل للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة الحربية بنسبة تفوق الـ 50% من احتياجاته.
قلق أمريكي
ولم تخف الولايات المتحدة قلقها علانية من التقارب الروسي الجزائري، في سياق الحرب التي تدور في أوكرانيا منذ أكثر من عام.
وفي سبتمبر 2022 الماضي طالب 27 عضوًا من الكونجرس الأمريكي في رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بإنزال عقوبات على الجزائر، بسبب صفقات الأسلحة مع روسيا.
وتضمنت رسالة أعضاء الكونجرس الأمريكي مخاوفهم من تنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا. ولفتوا إلى أن الجزائر وقعت عام 2021 صفقات أسلحة مع روسيا، قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار، من بينها بيعها طائرات مقاتلة متطورة من طراز “سوخوي Su – 57″، لم تبعها روسيا لأي دولة أخرى.
وعلق الخبير السياسي إسماعيل حمودي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، على التطور اللافت في العلاقات الروسية الجزائرية، بالقول إن زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الروسي، باتروشيف إلى الجزائر هي الثالثة من نوعها لمسؤولين عسكريين روسيين في ظرف شهرين، يناير وفبراير من العام الجاري.
وأضاف: أن تعدد زيارات الروس والغربيين كذلك للجزائر له علاقة بملف رئيسي هو الحرب في أوكرانيا.
إدانة الغزو الروسي
وتابع “حمودي”، في تصريحاته قائلاً: من الظاهر أن الجزائر تقدم مساعدات غير مباشرة لروسيا، فضلا عن دعم سياسي يتجلى في امتناعها حتى الآن عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وانتهاك وحدة أراضيها، والتصويت باستمرار لصالح روسيا في الأمم المتحدة وأجهزتها، ولعل هذا الموقف الجزائري المنحاز لموسكو بشكل علني يثير غضب الغرب.
الوسوم:
آخر المقالات من عرب تريبيون
التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم الأحد، في دمشق قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد
أعلن رئيس محققي الأمم المتحدة بشأن سوريا، الذين يعملون على جمع أدلة عن الفظائع المرتكبة في
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، إن إسرائيل ستواصل التحرك ضد ميليشيا الحوثي في اليمن،
قال قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، اليوم الأحد إن “سوريا تغيرت واستطعنا حماية المنطقة والإقليم
قالت قوات الدعم السريع السودانية، إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجستية رئيسية في شمال دارفور، الأحد،