توقُّف تصدير النفط من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية يدخل عامه الثالث: تقييم جهود «احتواء» الأزمة

بحلول شهر أكتوبر الجاري يكون قد انقضى العام الثاني على وقف تصدير النفط من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، نتيجة هجمات جماعة “أنصار الله” الحوثية وتهديداتها، وهو توقف خسرت الحكومة بسببه المصدر الأهم لإيراداتها (نحو 70% من إجمالي الإيرادات)، بالإضافة إلى أحد أهم مصادر تدفق العملة الصعبة، ما أثَّر في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها، وأسهم في تراجع سعر صرف العملة المحلية هناك إلى مستويات قياسية جديدة.



التداعيات: المؤشرات الرئيسة بين العامين الأول والثاني
لتوضيح مدى اختلاف تأثير توقف تصدير النفط الخام في عامه الأول عن عامه الثاني، يتعين مقارنة بيانات الميزانية العامة في العامين 2023 و2024، وعلى وجه التحديد بيانات الميزانية في نهاية شهر سبتمبر من هذين العامين بسبب توقف تصدير النفط الخام من مطلع أكتوبر 2022، لكن بيانات الميزانية في خلال العام 2024 لا تتوفر إلا إلى نهاية شهر يوليو الماضي (آخر تقرير شهري أصدره البنك المركزي)، ومن ثمَّ فإن أفضل الخيارات المتاحة يتمثل في مقارنة بيانات الميزانية العامة عند نهاية شهر يوليو من عامي 2023 و2024.



لقد سجَّلت الميزانية العامة في نهاية شهر يوليو 2023 عجزاً بلغ 612.1 مليار ريال عند إجمالي نفقات تبلغ 1072.8 مليار ريال، وإجمالي إيرادات تبلغ 460.7 مليار ريال، أي عجزاً يعادل 57% من النفقات، في حين سجَّلت الميزانية العامة نهاية شهر يوليو 2024 عجزاً بلغ 237.2 مليار ريال عند إجمالي نفقات تبلغ 1250.4 مليار ريال، وإجمالي إيرادات تبلغ 1013.2 مليار ريال، مع عجز يعادل تقريباً 19% من النفقات فقط؛ أي أن مستوى العجز تراجع من 57% في نهاية يوليو 2023 إلى 19% في نهاية يوليو 2024 على الرغم من وجود زيادة في النفقات، وإن كانت هذه الزيادة بسيطة نسبياً (حوالي 17%).



وفي الظاهر يبدو هذا التراجع في مستوى العجز مؤشراً إيجابياً يؤكِّد قدرة الحكومة اليمنية على أداء التزاماتها تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها، إلا أن هذا التراجع يعود، في الواقع، إلى المنحة السعودية الجديدة بقيمة 1.2 مليار دولار التي أُعلِن عنها في أغسطس 2023، إذ كانت الحكومة اليمنية قد تلقت أوَّل دفعة من هذه المنحة بقيمة 250 مليون دولار في العام الماضي، وفي العام الجاري (2024) تلقت الدفعات الثانية والثالثة والرابعة (في يناير، وفبراير، ويونيو على التوالي)، بمعنى أن التراجع في مستوى العجز يعود إلى عوامل ظرفية/مؤقتة وليس ناتجاً عن معالجات حقيقية (إيجاد مصادر بديلة ومستديمة للإيرادات).



كما أن الزيادة المسجلة في النفقات عند نهاية يوليو 2024 مقارنة مع بيانات الميزانية في نهاية يوليو 2023 ليست بالضرورة نتيجة إقدام الحكومة على التوسع في نفقاتها على الرغم من الأزمة القائمة، وإنما قد تكون مجرد زيادة “دفترية” بسبب تراجع سعر صرف الريال اليمني في خلال الفترة بين يوليو 2023 ويوليو 2024، أي أنها تعكس ارتفاعاً للقيمة الأسمية (بالعملة المحلية) لبعض نفقات الحكومة بالعملة الصعبة، ومن بينها قيمة واردات وقود محطات توليد الكهرباء، على سبيل المثال.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون