العلاقات المصرية – السعودية.. وشائج أخوية راسخة وتوافق رؤى استراتيجي

يمثل الثقل الجيوسياسي لمصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والسعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبد العزيز، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، العامل الرئيس لمكانة البلدين إقليميًا دوليًا، ولفاعليتهما وتأثيرهما في حفظ السلم والأمن بالمنطقة.

ويأتي ذلك في ضوء الرؤيتين الاستراتيجيتين الحكيمتين للبلدين للنهوض في كل المجالات، ومن بينها عناصر الرؤية السعودية الطموحة لولي العهد السعودي والتي تعتبر محل فخر للمواطن السعودي وأيضًا لكل مصري وعربي.

ولما لا.. والسعودية هي قبلة المسلمين ومنها انطلقت قيم العروبة، وبالتأكيد رفاهية المملكة في ظل اقتصادها الجديد المتنوع مصلحة عربية كبرى.

ولطالما كانت تتميز العلاقات المصرية- السعودية، بأنها تاريخية وقوية، وبشكل عام فإن الأمن الخليجي هو أمن قومي أيضًا لمصر والعكس أيضًا.

تربط القاهرة والرياض العديد من الأواصر الثقافية والدينية المتجذرة في العروق، والتي لا يمكن إزالتها بسبب أي عارض من محرض أو مؤجج للفتنة أو غير مدرك لطبيعة وحجم علاقات البلدين الشقيقين.

يمكن القول إن الترابط بين البلدين يرتقي إلى مستوى العلاقة الاستراتيجية فضلا عن التنسيق والتشاور السياسي بين البلدين الذي تعكسه اللقاءات والاتصالات المستمرة بين قيادات الدولتين؛ لبحث مجمل القضايا الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات المشتركة فضلا عن التبادل الثقافي والفني الذي يتنامى بشكل ملموس.

ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ينفذ رؤية المملكة فيما يخص التحول الوطني وانتقالها من الاقتصاد النفطي إلى اقتصاد ما بعد النفط.

لجنة المتابعة والتشاور السياسي

ومن بين آليات التعاون وثيق الوشائج اجتماعات لجنة المتابعة والتشاور السياسي، بين مصر والمملكة العربية السعودية على مستوى وزراء الخارجية.

وكان آخر جولاتها، “12 يناير 2023″، عندما شارك سامح شكري وزير الخارجية، في الاجتماع الخامس من لجنة المتابعة والتشاور السياسي، بالعاصمة السعودية الرياض.

وتتبادل تلك اللجنة الرؤى والتقييم حول التطورات الدولية الجارية، وتؤكد على أهمية الاستمرار في تنسيق المواقف تجاه الأزمات الدولية الراهنة لضمان تحقيق المصالح المشتركة للدولتين وسائر الدول العربية.

العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية متميزة على الأصعدة كافة، ويتحقق ذلك من خلال التعاون والتنسيق في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية بما يعزز أمن واستقرار البلدين الشقيقين ويدعم مصالح شعبيهما.

توافق الرؤى المصرية- السعودية

وتتوافق الكثير من وجهات النظر والرؤى بين البلدين إزاء العديد من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، بشكل يؤكد على عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، واتفاق إرادتهما السياسية الجادة على تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وفيما استضافت مصر مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 في شهر نوفمبر الماضي، والذي عكس ثقل مصر الدولي وقدرتها على طرح الأفكار الجديدة والتواصل مع كل الدول المشاركة في المؤتمر، استقبلت شرم الشيخ النسخة الثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر في شرم الشيخ برئاسة سعودية مصرية مشتركة.

كما كانت قد شاركت مصر في استضافة قمة جدة للأمن والتنمية يوليو 2022، والقمة العربية- الصينية ديسمبر 2022، واللتان جاءتا تجسيدًا للدور الهام للمملكة العربية السعودية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما عبر الجانب المصري عن تطلعه للعمل مع المملكة خلال رئاستها للقمة العربية القادمة في دورتها الـ الثانية والثلاثين.

أمن عربي “كل لا يتجزأ”

دائمًا تؤكد مصر والسعودية على أن الأمن العربي كل لا يتجزأ، وعلى أهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي الكامل للحفاظ على الأمن القومي العربي، لما لدى دوله من قدرات وإمكانات تؤهلها للاضطلاع بهذه المسؤولية، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل الدول العربية.

وتضطلع كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية بدور قيادي ومحوري لتحقيق استقرار المنطقة سياسيًا واقتصاديًا، بما يضمن التنمية المستدامة في دول المنطقة كافة، واتفقا في هذا الإطار على أهمية استمرار تنسيق جهودهما من أجل دعم دول المنطقة وأمن شعوبها واستقرارها.

ركيزتا الاعتدال في المنطقة

ومنذ نشأة العلاقات المصرية السعودية؛ تشكل البلدان ركيزتا الاعتدال والتحديث في المنطقة، والحفاظ على هويتها، وكذلك الدفاع عن القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية.

وتعود جذور العلاقات المصرية- السعودية لما يقرب من مائة عام؛ حيث شهدت تطورًا قويًا منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1936م.

أيضًا العلاقات بين البلدين لها تاريخ طويل من التعاون وجذور ضاربة في عمق التاريخ، وقد ساهمتا مع خمس دول عربية أخرى في تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945م.

وتعززت العلاقات بين البلدين خلال التاريخ المعاصر، حيث دعمت المملكة العربية السعودية مصر ضد العدوان الثلاثي، كما ساهمت الجهود المصرية في تقوية مواقف دول الخليج لتعزيز سيطرتها على ثرواتها النفطية.

ودعمت السعودية وبقية الدول الخليجية والعربية، مصر وسوريا بعد نكسة 1967، وتجلى هذا الدعم في حرب 1973؛ حيث أسهم قرار الدول العربية بحظر تصدير النفط للدول المؤيدة للعدوان الإسرائيلي، والذي لعبت السعودية والإمارات فيها دورًا قياديًا في تقوية الموقف العربي، ومسارعة الولايات المتحدة للعمل على حل الصراع.

وازدادت أواصر العلاقات بين البلدين قوة بعد ذلك، عبر التعاون في مختلف المجالات، كما دعم البلدان الشعب الفلسطيني في جهوده لنيل حقوقه المشروعة عبر عملية السلام التي أطلقت في التسعينيات بفضل ضغوط الدول العربية، وفي مقدمتها مصر والسعودية على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، كما دعمت المملكة العربية السعودية ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013.

مستوى العلاقات بين مصر والسعودية

بلغت العلاقات المصرية- السعودية أوجها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ حيث تعددت الزيارات المتبادلة بين الجانبين.

وفي يوليو 2015 على سبيل المثال، صدر إعلان القاهرة في ختام مباحثات الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، وتضمن تأكيد مصر والسعودية على تطوير التعاون العسكري والتكامل الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

كما أبرم البلدان – في عهد الرئيس السيسي والملك سلمان – عددًا من الاتفاقيات المهمة. ففي عام 2016، وقع الرئيس السيسي والملك سلمان بقصر عابدين، 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين.

ووقعا اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية التعاون الجمركي بين مصر والسعودية، واتفاقية بشأن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة السعودي في مصر.

السعودية أكبر شريك تجاري لمصر

وتشير إحصاءات لوزارة التجارة والصناعة المصرية إلى أن السعودية تعد أكبر شريك تجاري لمصر في منطقة الشرق الأوسط.

فقد قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021 مسجلا 4.3 مليار دولار مقابل 3.2 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 34%، فيما تتصدر المملكة، الدول العربية المستثمرة في مصر.

وجاءت زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الأخيرة إلى مصر لتؤكد على متانة العلاقات المصرية السعودية وتناميها في جميع المجالات والقطاعات، ولعل المحور الاقتصادي شهد نموًا ملحوظًا في ظل القيادتين المصرية والسعودية خلال السنوات الماضية، وهو ما يُمثل نتيجة طبيعية لعلاقات تاريخية ومُميزة بين البلدين.

رؤية المملكة.. مصلحة مصرية سعودية واحدة

مصر والسعودية مصلحتهما واحدة وتطورهما بكل تأكيد هو قوة للوطن العربي والإسلامي، ومن دواعي فخر كل عربي وليس مصري فقط، أن يدرك أن رؤية المملكة بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمين، سابقة لعصرها. وليس مستغربًا أن تتحول السعودية إلى مرحلة جديدة تنقلها إلى مصاف الدول الكبرى، خصوصًا أن كل عناصر رؤية 2030 تؤكد أن السعودية سائرة على هذا الطريق.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون