وجَّه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر –الذي يُعَدُّ أرفع مسؤول يهودي في الولايات المتحدة، والحليف القوي لإسرائيل– كلمةً غير مسبوقة في 14 مارس 2024، دعا فيها إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، واستبعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، الذي تُخاطر إسرائيل تحت حكمه بأن تصبح دولة “منبوذة”، بحسب قوله. لكنَّ ما انطوى على مفاجأة أكبر تمَثّل برد فعل الرئيس بايدن، الذي أشاد بشومر، وقال إن “كلمته جيدة”. ويرى العديد من المعلقين أن البيت الأبيض وافق على كلمة شومر قبل إلقائها.
ولعل أحد التفسيرات المحتملة لحدوث مثل هذا التطور غير العادي في السياسة الأمريكية، يَتَمَثَّلُ في أن الرئيس بايدن قرر أخيراً القيام ببعض المخاطرات بعد أن دب الرعب في صفوف مستشاريه خشية خسارة شريحة مهمة من الناخبين الديمقراطيين قبل انتخابات الرئاسة في نوفمبر 2024. وأصبحت غزة بالفعل جزءًا من المشاكل السياسية الكثيرة أمام بايدن، وبخاصة بسبب معارضته الدعوة إلى وقف لإطلاق النار بالرغم من الزيادة الكبيرة في أعداد الوفيات في صفوف المدنيين الفلسطينيين. وعملت شحنات الأسلحة الأمريكية منذ هجوم “حماس” ضد إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 على استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، في الوقت الذي عمل فيه الدبلوماسيون الأمريكيون على حماية تل أبيب من أي عقوبات في مجلس الأمن الدولي، وتقدَّم الفريق القانوني الأمريكي بمرافعة لصالح إسرائيل في محكمة العدل الدولية. وإلى جانب المساعدات الأمريكية السنوية لإسرائيل، التي تبلغ نحو 3.4 مليار دولار، هناك 15 مليار دولار أخرى بانتظار موافقة الكونجرس.
لقد ظل دعم بايدن لإسرائيل ثابتاً بالرغم من أن عدد الوفيات في صفوف المدنيين في غزة وصل إلى الآلاف خلال الأيام الأولى للهجوم الإسرائيلي. وسرعان ما بدأت تصريحات بايدن التي تشكك بأرقام الوفيات في صفوف المدنيين بغزة جراء الضربات الجوية الإسرائيلية، ووصفْه خسارة الأرواح بأنها “ثمن شنَّ الحرب”، في إثارة غضب ليس العرب الأمريكيين فحسب، بل الناخبين الشباب والسود والتقدميين أيضاً. وتتعاطف هذه الشرائح من القاعدة الانتخابية الديمقراطية كثيراً مع القضية الفلسطينية أكثر من المواطنين الأمريكيين العاديين الذين ما زالوا يتعاطفون بقوة مع إسرائيل.
ويمكن فهم معضلة بايدن بسهولة عند النظر إلى استطلاعات الرأي، فما زال الأمريكيون يشعرون بشكل إيجابي كبير تجاه حليفهم إسرائيل أكثر من شعورهم تجاه الفلسطينيين. ومنذ أن بدأت مؤسسة “جالوب” استطلاعات الرأي تجاه إسرائيل عام 1989، يحتفظ نحو 65% من الأمريكيين برأي إيجابي تجاه إسرائيل، وكانت أقل نسبة لإسرائيل هي 45% عام 1989، خلال تصاعد التوتر في المنطقة آنذاك. وأظهر أحدث استطلاع للرأي أن 58% من الأمريكيين مقابل 68% العام الماضي ما زالوا يحتفظون برأي “مفضل للغاية”، أو “مفضل بشكل عام” تجاه إسرائيل. لكنَّ هذه أقل نسبة تفضيل تحصل عليها إسرائيل خلال عقدين. في المقابل، وصلت نسبة الرأي الإيجابي تجاه السلطة الفلسطينية إلى نحو 20%.
ولعل ما يُعقِّد مهمة بايدن أكثر، الفجوة داخل الحزب الديمقراطي حول دعم إسرائيل. ففي الوقت الذي يتعاطف أغلبية الجمهوريين مع إسرائيل، ويميل المستقلون لصالح إسرائيل، فإن المزيد من الديمقراطيين يقفون الآن إلى جانب الفلسطينيين وليس إسرائيل. وبعد مرور عقد أظهر فيه الديمقراطيون تعاطفاً متزايداً تجاه الفلسطينيين، فإن تعاطفهم في الشرق الأوسط الآن يميل الآن نحو الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين بنسبة 49% مقابل 38%. وتشير كل هذه الديناميات إلى أن بايدن ربما يواجه مشكلة أكبر من طرف الجالية العربية-الأمريكية الصغيرة نسبياً. ففي الوقت الذي تُظهِر القاعدة اليسارية في الحزب الديمقراطي دعماً أكبر للقضية الفلسطينية، ثَبُتَ أن التوصل إلى خطاب سياسي صحيح للتعامل مع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني خلال انتخابات الرئاسة 2024 يُمَثِّلُ مهمة شاقة بالنسبة للبيت الأبيض.
نتائج التصويت بـ “غير ملتزم” في الانتخابات التمهيدية بولايات مثل مشيجان ومينيسوتا كشفت ضعفاً حقيقياً في حملة بايدن (AFP)
ما مدى أهمية السياسة الخارجية؟
من الثابت أن الرؤساء الأمريكيين نادراً ما يخسرون الانتخابات بسبب السياسة الخارجية، إلّا إذا كانت الولايات المتحدة نفسها في حالة حرب. وتتمثل الحكمة التقليدية حول الانتخابات الأمريكية في أن الاقتصاد هو العامل الرئيس في التأثير على قرار الناخبين. ومع ذلك من المهم تبيُّن أن الانتخابات الأمريكية عادة ما تتقرر ليس من خلال أصوات الناخبين، بل من خلال المجمعات الانتخابية، حيث إن دعم الآلاف في الولايات المتأرجحة قد يُشَكِّل الفرق أكثر من ملايين أصوات الناخبين على المستوى الوطني. وعلى سبيل المثال، فقد فاز بايدن خلال انتخابات 2020 بفارق 7 ملايين صوت، غير أن 44,000 صوت في ولايات جورجيا وأريزونا وويسكنسن هي التي منعت حدوث تعادل بينه وبين ترمب في المجمعات الانتخابية. وعلى نحو مماثل، فقد خسر ترمب خلال انتخابات 2016 بفارق أكثر من 3 ملايين صوت على المستوى الوطني، لكنَّه فاز في الانتخابات بفضل أقل من 80,000 صوت في ثلاث ولايات مهمة.
ولهذا السبب، أصيب بايدن والبيت الأبيض بالذعر عندما صوَّتَ عشرات الآلاف من الأمريكيين في الانتخابات التمهيدية بأنهم “غير ملتزمين”، بدلاً من التصويت لصالح بايدن في ولايات شهدت منافسات قوية مثل مشيجان ومينيسوتا وكارولينا الشمالية خلال الأسابيع القليلة الماضي. ويُعَدُّ دور غزة واضحاً في هذا الاتجاه، لأن حركة “غير ملتزم” انطلقت إلى حد كبير في صفوف العرب-الأمريكيين في مشيجان احتجاجاً على دعم بايدن لإسرائيل. وتضم مشيجان، التي تُعَدُّ من الولايات التي تشهد منافسة قوية بين الحزبين، عدداً كبيراً من العرب والمسلمين الذين ازداد انخراطهم في السياسة خلال السنوات الأخيرة.
وتمَثّل هدف حملة “استمعوا إلى مشيجان” بادئ إلى الأمر إلى جمع 10,000 ناخب “غير ملتزم” خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي احتجاجاً على دعم بايدن لإسرائيل. لكن صوّت 101,000 “غير ملتزم” في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيجان في 27 فبراير؛ ما فاق حجم أهداف المنظمين للحملة، حيث شكلت أصوات “غير ملتزم” نسبة 13% من مجموع الأصوات. وشكك بعض المراقبين في احتمال تكرار ما حدث في مشيجان بولايات أخرى. وأظهرت الانتخابات التمهيدية في ولايات أخرى، مثل مينيسوتا وكارولينا الشمالية وماساشوستس وواشنطن وهاواي بما يُعْرَفُ بـ “الثلاثاء الكبير” في 5 مارس، أن هناك اتجاهاً وطنياً. ففي مينيسوتا اختار نحو 20% من الناخبين الديمقراطيين (نحو 46,000) التصويت بـ “غير ملتزم” في انتخابات الولاية التمهيدية. وكشفت هذه الأرقام بوضوح ضعفاً حقيقياً في حملة بايدن لسبب بسيط: أصوات “غير الملتزمين” في مشيجان ومينيسوتا تجاوزت هامش الفوز في هذه الولايات خلال انتخابات الرئاسة الأخيرة. بعبارة أخرى، هناك خطر حقيقي بأن بايدن سيخسر الولايتين، بسبب حركة غير الملتزمين التي نشأت نتيجة الإحباط تجاه سياسته إزاء غزة.
واعترف بايدن نفسه بالمحتجين المؤيدين للفلسطينيين، الذين أصبح لهم وجود متكرر في الفعاليات العامة التي يشارك فيها. وعلى سبيل المثال، وخلال شهر يناير، قاطع المحتجون أحد التجمعات التي حضرها بايدن حول حق الإجهاض في فيرجينيا بشكل متكرر، وحثُّوا الرئيس على الدعوة إلى وقف لإطلاق النار في غزة. والتقى بايدن بعد ذلك التجمع بشكل خاص مع نحو 40 من المدعوين، وحثهم على عدم اعتبار المتظاهرين بأنهم أعداء سياسيين، بقوله إنهم يستحقون التعاطف، وأن قضيتهم “مهمة بالفعل”. كما أعلن بايدن نفسه في فبراير بأن إسرائيل “تجاوزت الحد” في ردها على هجوم “حماس” في 7 أكتوبر 2023.
ولعل اللافت للنظر أن نتائج الانتخابات التمهيدية في ولايتي مشيجان ومينيسوتا حدثت بالرغم من محاولات كبار المسؤولين في الإدارة التواصل مع الجالية العربية-الأمريكية، وحركة “غير ملتزم”. فقد توجَّه نائب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي جون فاينر، والعديد من المسؤولين في إدارة بايدن، بما في ذلك سامانثا باور مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى مدينة ديربورن في ميشيجان، لعقد سلسلة من اللقاءات خلال شهر فبراير. وجاءت هذه اللقاءات بعد أسبوع من زيارة مساعدين للرئيس في حملته الانتخابية، مثل جولي تشافيز رودريجيز مديرة حملة بايدن الانتخابية، إلى ديربورن للقاء عدد من المسؤولين هناك، مثل النائبة من أصول فلسطينية رشيدة طليب، التي تقف في طليعة الديمقراطيين المطالبين بوقف إطلاق النار. وفي دليل على إحباط الجالية العربية-الأمريكية وتصميمها، قاطع رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود والعديد من المسؤولين المحليين الآخرين اجتماع رودريجيز.
استدارة بايدن: محدودة جداً ومُتأخّرة جداً؟
في ظل هذه الظروف، ومع تزايد أعداد القتلى بين صفوف المدنيين في غزة، بدأ بايدن في الابتعاد عن نتنياهو في الأسابيع القليلة الماضية. فقد واصل بايدن تناوله لمحنة سكان غزة خلال خطابه النشط غير المعهود عن حالة الاتحاد في 7 مارس. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدّث فيها بايدن عن أعداد الضحايا الفلسطينيين المُشابهة لتلك التي نشرتها وزارة الصحة في غزة التي تُديرها حركة حماس. وقال بايدن، واصفاً بالتفصيل معاناة المدنيين في غزة: “هناك الآلاف والآلاف من النساء والأطفال الأبرياء، كما تيتّم الأطفال. وما يقرب من مليونَي فلسطيني آخر يرزحون تحت القصف أو نازحين. ومنازل مُدمّرة، وأحياء أصبحت ركاماً، ومُدن في حالة خراب، وعائلات دون طعام أو ماء أو دواء. إنه لأمر مُفجع”. وفي خطاب حالة الاتحاد نفسه الذي تابعه الملايين من الأمريكيين، أعلن بايدن أنه وجَّه الجيش الأمريكي “لقيادة مُهمّة طارئة لإنشاء رصيف بحري مؤقّت في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة”، من أجل تحقيق زيادة كبيرة في كميّة المُساعدات الإنسانية التي تدخل غزة كل يوم. وقال بايدن، وسط تصفيق الحاضرين: “يجب على إسرائيل السماح بدخول المزيد من المُساعدات إلى غزة، وضمان عدم وقوع العاملين في المجال الإنساني في مرمى النيران”. وأضاف: “يجب إعطاء الأولوية لحماية أرواح الأبرياء وإنقاذهم”. وسيُظهِر الوقت ما إذا كان هذا الجهد الرئاسي لإرساء المزيد من التوازن في مُقاربة واشنطن للمحنة الفلسطينية متأخراً جداً أم لا، حيث وصل عدد القتلى بالفعل إلى أكثر من 32,000 شخص في غزة، وأصبح السكان على حافة المجاعة.
وفي هذه الأثناء، لا يزال نتنياهو يميل إلى التحدّي؛ فقد قال رئيس الوزراء خلال اجتماع للحكومة في 17 مارس إن إسرائيل “لا يُمكن أن ترضخ، ولن ترضخ” للضغوط الدولية لوقف حملتها العسكرية في غزة. كما اتهم السناتور تشاك شومر، الذي دعا إلى إجراء انتخابات في إسرائيل وإطاحة نتنياهو، بمُعاملة إسرائيل مثل “جمهورية الموز”. وجاءت قطيعة نتنياهو مع بايدن في الأسبوع نفسه الذي أصدر فيه مُجتمع الاستخبارات الأمريكية تقييماً سنوياً يطعن في ركائز استراتيجيته السياسية الحالية؛ فقد وجد ذلك التقييم أن هزيمة حماس بالكامل ربما تستغرق سنوات، وأن قبضة نتنياهو نفسه على السلطة قد تكون ضعيفة. وفي خلافه مع بايدن، يقوم نتنياهو بِمُخاطرة كبيرة؛ فعليه أن يُراهن على أن المستويات الأخرى من النفوذ التي اكتسبها على مدى عقود – من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المُقرّبين من اللوبي القوي المؤيّد لإسرائيل، ولدورها المحوري في المشهد الجيوسياسي الإقليمي – ستُحافظ على قدرته على شن الحرب بحيث تُبقيه في منصبه. وغني عن القول، إن نتنياهو يُراهن على عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
وكل ذلك لا يُغيّر من حقيقة أن بايدن سيظل في منصبه على الأقل حتى يناير 2025. ففي 18 مارس، وصف مُستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، المُكالمة الهاتفية الأولى بين بايدن ونتنياهو منذ أكثر من شهر بأنها “عملية للغاية”، موضحاً أن المُحادثة عكست قلق بايدن المُتزايد بسرعة من أن الهجوم العسكري على رفح سيجعل الوضع أسوأ بما لا يقاس بالنسبة للكارثة الإنسانية التي تتكشّف في غزة، ولأمن إسرائيل على المدى الطويل. وقد قالت إدارة بايدن إنها “لن تدعم” مثل هذا الإجراء، لكنها لم تذكر الشكل الذي سيتّخذه عدم الدعم هذا. والسؤال الرئيس في مسألة النفوذ الأمريكي هذه هو فيما إذا كانت واشنطن ستضع في نهاية المطاف شروطاً مُقابل دعمها العسكري لإسرائيل أم لا. ففي الثامن من مارس الجاري، قال بايدن إنه سيواصل إرسال الأسلحة إلى تل أبيب، سيما عتاد نظام “القبة الحديدية” للدفاع الصاروخي الذي يحمي إسرائيل من صواريخ حماس. لكنه قال في المُقابلة نفسها إن سقوط ضحايا مدنيين بأعداد كبيرة في غزة هو “خط أحمر” بالنسبة له. ووفقاً لمسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، فإن الرئيس الأمريكي يُفكّر جدياً في وضع شروط على المُساعدات العسكرية لإسرائيل إذا ما أقدمت الأخيرة على اجتياح واسع النطاق لرفح. وفي 18 مارس الجاري، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الرئيس بايدن استدعى فريقاً عسكرياً واستخباراتياً وإنسانياً إسرائيلياً رفيع المستوى إلى واشنطن للتشاور بشأن خطط إسرائيل لشن عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح. كما كرّرت الصحيفة أن بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن أي محاولة “للهجوم” على المدينة في جنوب غزة ستكون خطأً.
لكن امتناع إدارة بايدن عن استخدام الفيتو لإحباط قرار تبناه مجلس الأمن، في 25 مارس، بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان في قطاع غزة، أثار حنق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودفعه للامتناع عن إرسال الوفد إلى واشنطن، بذريعة أن “فشل” الولايات المتحدة في استخدام حق النقض ضد المقترح يُعدُّ “تراجعاً صريحاً” عن موقفها السابق، وسيُضرّ جهود الحرب على “حماس”، ومساعي الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
الاستنتاجات
من الواضح أن بايدن قد أعاد فعلياً تقييم موقفه من غزة مع تدهّور الوضع على الأرض وتصاعد الانتقادات الداخلية في الولايات المتحدة، سيما داخل القاعدة الديمقراطية. ويبدو أن هناك نقطة تحوّل تتمثّل في وجود مؤشّرات واضحة على أن عشرات الآلاف من الناخبين في الولايات المُتأرجحة الرئيسة، مثل ميشيغان ومينيسوتا وكارولينا الشمالية وأريزونا وبنسلفانيا وويسكونسن قد يقرّرون عدم التصويت له. وتُظهِر الديناميات المحلية الحالية أن التصويت لترمب قد تعزز في الغالب، حيث يُظهر الجمهوريون ميلاً مُتزايداً للالتفاف حوله. ومن ناحية أخرى، يبدو بايدن ضعيفاً على نحو غير عادي؛ فهو يحظى بأدنى مُعدّلات تأييد من أي رئيس يسعى لإعادة انتخابه في هذه المرحلة من ولايته. كما أن عمره عامل مُهم للغاية قد لا يؤهّله للترشّح بالنسبة لشريحة معينة من الناخبين. وعلى الرغم من أن أداء بايدن القوي في خطاب حالة الاتحاد قد خلق زخماً لم يدم طويلاً، فإنَّ مُعظم استطلاعات الرأي تُظهِر أنه لا يزال مُتخلفاً عن ترامب، وإن كان بفارق ضئيل.
والخبر السيئ الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للديمقراطيين هو سلسلة من استطلاعات الرأي الجديدة من الولايات الرئيسة في ساحة المعركة الانتخابية، والتي أظهرت احتفاظ ترمب بتقدّمه في المناطق التي فاز بها بايدن في عام 2020. ويتقدّم ترمب على بايدن بأكثر من خمس نقاط في ولايات أريزونا وجورجيا ونيفادا، وبفارق 3.5 نقطة في ميشيغان، وبنقطة واحدة في ويسكونسن. وهذه هي الولايات التي سيحتاج فيها بايدن إلى تحالف الشباب والسود والتقدمييّن، بالإضافة إلى العرب الأمريكيين المُحبطين من الدعم الأمريكي لإسرائيل.
ومع ذلك، فإنه من السابق لأوانه القول بأن بايدن سيخسر هذه الانتخابات بسبب غزة تحديداً، ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب أخرى. أولاً، هناك العديد من العوامل الأخرى التي لا تزال تخلق إحباطاً من بايدن أكثر بكثير من موقفه من إسرائيل؛ من قبيل تقدُّمه في السن، وحالة الاقتصاد – حيث لا يزال الناس يشتكون من التضخّم، لأنهم بدلاً من النظر إلى الانخفاض الأخير في معدّلات التضخم، فإنهم يقارنون الأسعار التي ارتفعت بنسبة 20% عما كانت عليه في عام 2020، وأزمة الهجرة على الحدود الجنوبية. وهذه القضايا أكثر أهمية بكثير بالنسبة للناخبين العاديين والمُستقليّن الذي ينبغي على بايدن إقناعهم. وثانياً، ليس هناك ما يضمن فوز بايدن إذا ما غيّر خطابه بشأن غزّة. وكما ذكرنا أعلاه، فإن الغالبية الساحقة من الأمريكيين لا تزال مؤيّدة لإسرائيل، ومن المُخاطرة أن يتحدّى رئيس أمريكي إسرائيل علناً في عام الانتخابات. وأخيراً، لا تزال هناك فرصة أن يعود الناخبون الديمقراطيون، وحتى بعض الناخبين الديمقراطيين من العرب الأمريكيين والشبان والقاعدة التقدّمية، الذين يشعرون بالإحباط من بايدن، لدعم حزبهم بِمُجرّد أن يروا رواية ترمب بشأن الفلسطينيين مع تسارع وتيرة موسم الحملة الانتخابية الرئاسية.
مُعضِلة «بايدن» الإسرائيلية: هل تتسبب حرب غزة في خسارة الرئيس الأمريكي الانتخابات المقبلة؟
آخر المقالات من عرب تريبيون
يزور وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق اليوم الإثنين للقاء القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد
استشهد 7 فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع
أثار النجم المصري محمد رمضان تفاعلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، بسبب سؤال
كشف الفنان المصري تامر حسني، عن ملامح أول دويتو غنائي له مع مواطنه رامي صبري. ونشر
ذكرت تقارير إعلامية أن النادي الأهلي يواصل العمل على تعديل أوضاعه خلال فترة الانتقالات الشتوية. قال