حكايتى مع “Kwai”

1

لاقى تطبيق “كواى” الذى يتم بثه من الصين, منذ أكثر من عامين فى مصر وبعض الدول العربية, رواجاً كبيراً, بين مواقع التواصل الإجتماعى الآخرى, لما يقدمه من مقاطع مصورة قصيرة, بالاضافة الى ماتم ترويجه, من قبل الشركة الصينية, ووكلائها فى الدول التى بدأت استخدامه, بأنه تطبيق ربحى, يمكن لمستخدميه ربح الدولارات, مقابل فقط الالتزام بتسجيل الدخول اليومى للتطبيق, ومشاهدة الفيديوهات بصفة مستمرة, وتصوير فيديوهات تجذب المشاهدين, ودعوة الاصدقاء للاشتراك فى التطبيق, هذا بالاضافة الى فتح غرف البث المباشر من قبل مستخدمين التطبيق, والذين يطلق عليهم اسم “المذيعات والمذيعين” .
فى البداية, لم يكن لدى أى علم, او سابق معرفة, بهذا التطبيق, الى ان شاهدت اعلانات عنه على مواقع التواصل الاجتماعى الاخرى, وبعض مواقع الالعاب المنتشرة على شبكة الانترنت, لم اهتم فى البدايه, وكنت اغلق الاعلان قبل ان تنتهى مدته, لكنى فوجئت بحملات اعلانية ضخمة مكثفة, من الشركة الصينيه طالت جميع المواقع “الفيسبوك, انستجرام, تيك توك, … الخ”, ولاحظت ان هذه الاعلانات بها تلاعب صريح وواضح باحلام البسطاء, الذين يعانون الفقر والجوع وضيق اليد والاحتياج, والتصوير بأن هذا التطبيق هو مثل العصى السحرية, التى ستضرب الارض فتنشق ويتطاير من بين شقوقها ملايين الدولارات, التى يمكنهم بها تحقيق حلم الثراء السريع, والقفز من طبقات تحت الصفر, الى طبقات الاثرياء, ووجدت نفسى بعد ان كنت اغلق اعلاناته قبل ان تنتهى مدتها, اعيدها مره وأثنين وأكتر, واصبح لدى فضول أن اكتشف هذا العالم الغامض, او بوابة على بابا السحرية, التى تختبىء ورائها كنوز من الماس والياقوت واللؤلؤ والمرجان .
ولأكتشف هذا العالم, واعرف خباياه, كان على أن اكون جزء منه, وواحدة من ضمن مستخدميه, فانشأت لى صفحة على هذا التطبيق, وبدأت أتابع مايصدر عنه من فيديوهات مصورة, وأطلع على المحتويات المختلفة فيه, واستمع لكل كلمة بتركيز تام, حتى كونت فكرة عنه فى خلال شهر من المتابعة بصمت, بعدها قررت ان اخوض التجربة, وكان ذلك فى شهر يونيو 2022 الماضى, أى منذ حوالى سبعة أشهر.
بدأت فى عمل فيديوهات قصيرة, القى فيها الضوء على بعض الشخصيات النسائية المصرية والعربية, واللآتى كن من ابرز الشخصيات فى مجال الادب والشعر, وقد لاقت تلك الفيديوهات رواجا كبيرا ونسبة مشاهدات عالية, لكنى لم أحصد منه أى شىء, وكانت تلك هى البدايه, فبرغم حرصى على تسجيل الدخول اليومى لمده شهر كامل, لم أحصد سوى سنتات فقط, حتى فيديوهاتى رغم مشاهداتها العاليه لم أحصد من ورائها اى شىء, فبدأت اتسائل اين هذا الربح المزعوم يا كواى ؟؟؟ واين كنز الدولارات الذى وعدتينى والاخرين به ؟؟؟
عدت مجدداً, لمتابعة الفيديوهات القصيرة على التطبيق, لعلى أجد تفسير, أو اجابة على تساؤلاتى, وبدأت أحلل محتويات الصفحات على التطبيق, فوجدت الآتى :
• ان هناك صفحات, ينحصر محتواها فقط, فى شرح سياسات البرنامج, وشرح كيفية تصوير فيديو بمواصفات صحيحة تجعله مقبولا ورائجا ويحقق نسبة مشاهدات عالية.
• وصفحات آخرى, تسمى صفحات للدعم, اى أنها تساعد المستخدمين الجدد, فى زيادة عدد المتابعين لديهم, وزيادة عدد المشاهدات على فيديوهاتهم.
• وصفحات أخرى تنشر فيديوهات تقدم فيها معلومات مغلوطة, الهدف منها حصد مشاهدات ومتابعات وتحقيق الربح معتمدة على جهل البعض, وثقتهم العمياء فيهم.
• وصفحات فيديوهاتها عباره عن موائد عليها من خيرات الله الكثير, طعام يكفى سد جوع شارع باكمله, يجلس عليها زوج وزوجته, أو أحدهما, ويظهر وهو يأكل بشراهة لحوم ودواجن واسماك, ورغم انها تعج بالتعليقات السلبية ورفض مجتمعى لهذا الفعل, الا انها تحصد الاف المتابعات والمشاهدات ايضا.
• وصفحات ينحصر محتواها على تصوير فتيات ونساء لفيديوهات رقص وغناء وعرى وخلاعة وتلك تحصد اكبر عدد من المتابعات والمشاهدات رغم ان سياسات كواى ترفض نشر مثل هذه المحتويات لكنها تغمض عينيها عنها.
• وصفحات قليلة جدا, تقدم محتويات مفيدة, سواء كانت محتويات دينية او تحفيزية أوعلمية او رياضية أو طبخ او اشغال يدوية وفنية, وللاسف هذه الصفحات لاتحصد اى مشاهدات ولامتابعين رغم ان من سياسات كواى المعلنة هى تشجيع اصحاب المحتويات التى تفيد المجتمع ومساندتهم كى تعم الفايدة.
من واقع تلك الملاحظات, اكتشفت ان المحتوى الرائج على تطبيق كواى, هو المحتوى الاكثر تفاهة, المحتوى الذى ليس له معنى, ولا يقدم رسالة, وليس له هدف سوى جنى ارباح كواى.
وانتظرونى فى المقال الثانى لاكمل لكم حكايتى مع “kwai”

تعليق واحد

  1. كلام حضرتك سليم يا دكتوره و مقال رائع كما تعودنا من حضرتك دائما و ياريت الناس تنتبه الي هذا التدليس الواضح في مثل هذه التطبيقات

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون