مكان بين الكبار

من المعلوم بالضرورة لدى دارسي العلوم السياسية والمهتمين بها ان النظام الدولي -السياسي والاقتصادي ، نظام متحيز سلطوي انتقائي ، البقاء فيه للأقوى ، والمدلَل فيه هو القوى الكبرى والدول التي تحالفها او تتبعها ، بقطع النظر طبعا عن التزامها بالقانون والحريات من عدمه. ولكي تحصل اي دولة او أمة على مكانة لائقة ومحترمة ، وتنأى بنفسها عن الوقوع ضحية لهذا الانحياز، لابد لها من امتلاك عدة عناصر:

اولها: أن تمتلك هذه الامة مقدراتها من خلال تعزيز منتجاتها المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي قدر الإمكان خاصة في السلع الاستراتيجية والحيوية.

وثانيها تقليل الاعتماد على الخارج قدر الإمكان. وان كانت لا محالة فاعلة ،فليكن هذا الاعتماد في غير السلع الضرورية والحيوية.

أما ثالثها وأهمها فهو أن تولي هذه الدول أكبر قدر من الاهتمام -وبالتالي الموارد- للنهوض بالتعليم والثقافة والوعي مهما كلفها ذلك ، لأن أمة بلا علم هي أمة بلا مستقبل.

أما رابع هذه العناصر فهي أن تزيل هذه الدولة الفوارق والموانع بينها وبين شعبها ،عن طريق اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تعزيز المواطنة الحقيقية والانتماء الفعلي -عملا لا قولا. ويتحقق ذلك بإرساء مباديء العدل والمساواة والمشاركة السياسية والمجتمعية، بحيث يتولد شعور حقيقي لدى المواطن بأنه لا فرق بينه وبين أعلى رأس في الدولة أمام القانون، ومن هنا يتولد الانتماء الحقيقي المبني على حب كل ما ينفع الوطن ويعليه والإسهام في تحقيق ذلك ، وبغض كل ما يضر الوطن ويقف دون مصالحه ومقاومة ذلك بكل ما أوتي من قوة.

وآخر هذه العناصر هو أن تسعى هذه الدولة الى زيادة اعتماد المجتمع الدولي عليها من خلال دعم قطاعات معينة مثل التصدير والتكنولوجيا والخدمات والصناعة والزراعة الحديثة.

وحين تتحقق العناصر السابقة ستكون الدولة قادرة على الخروج من ربقة التبعية سواء لدولة اخرى او لمؤسسة أو صندوق، محققة اكبر قدر من استقلالية قرارها السياسي والاقتصادي، وتقف شوكة قوية في وجه ذلك النظام العالمي المنحاز.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون