وول ستريت جورنال: الاقتصاد الأمريكي يواجه مجموعة من مخاطر تهدد بمزيد من الاضطرابات

في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة معركة ضد التضخم، من خلال رفع معدلات الفائدة ومالها من آثار على الاقتصاد. رأت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الاقتصاد الأمريكي يواجه حاليا مجموعة من المخاطر تهدد بخلق المزيد من الاضطرابات، وأشارت إلى أن هذه المرة تأتي هذه المخاطر مجتمعة، خلافا لمشكلة التضخم التي أتت منفردة.
ولخصت الصحيفة الأمريكية مجموعة التحديات الجديدة بأنها تشمل إضراب عمال صناعة السيارات إذا حدث على نطاق أوسع، والإغلاق الحكومي المطول، بسبب عدم الاتفاق على مشروع قانون للتمويل المؤقت، واستئناف مدفوعات القروض الطلابية، وارتفاع أسعار النفط.

وقالت إن كل واحد من هذه العوامل لن يسبب الكثير من الضرر من تلقاء نفسه، مشيرة إلى أنه قد تكون هذه العوامل مجتمعة أكثر ضررا، خاصة عندما يكون الاقتصاد في حالة تباطؤ بالفعل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
ونقلت وول ستريت جورنال عن جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة إي-بارثينون الأمريكية، أن اجتماع هذه العوامل الأربعة سويا هو الذي يمكن أن يعطل النشاط الاقتصادي.

وذكرت أن العديد من المحللين يتوقعون تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة هذا الخريف، ولكن لا يصل هذا التباطؤ في النمو إلى ركود. كما تتوقع شركة داكو أن يتباطأ النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى معدل سنوي 0.6 بالمئة في الربع الرابع من مكاسب متوقعة بنسبة 3.5 بالمئة خلال الربع الحالي. ويتوقع الاقتصاديون في مؤسسة /جولدمان ساكس/ المالية أن يهدأ النمو إلى معدل 1.3 بالمئة في الربع المقبل، من زيادة 3.1 بالمئة في الربع الثالث.
وتابعت أن الإنفاق الاستهلاكي القوي والبطالة المنخفضة تاريخيا دعما النشاط الاقتصادي الأمريكي القوي حتى الآن في عام 2023، على الرغم من قيام بنك الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) برفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى منذ 22 عاما، لمحاربة التضخم عن طريق إبطاء النمو، في وقت يتباطأ فيه النمو في أوروبا والصين بشكل حاد.

كما أشارت إلى أن أحد التهديدات الاقتصادية هو الإضراب الأوسع والأطول من قبل عمال السيارات المتحدين ضد ثلاث شركات لصناعة السيارات في ديترويت، حيث بدأ ما يقرب من 13000 عامل الإضراب عن العمل في ثلاثة مصانع في 15 سبتمبر الجاري.

ونسبت الصحيفة الى شون فاين رئيس نقابة UAW (عمال السيارات المتحدين) الجمعة الماضية، القول إن الإضرابات ستتسع لتشمل 38 مركزا، لتوزيع قطع غيار جنرال موتورز وستيلانتس عبر 20 ولاية.
ونوهت بأنه من المتوقع أن يكون التأثير الأولي للإضراب المحدود متواضعا، لكن التوقف عن العمل على نطاق أوسع يمكن أن يحد من إنتاج السيارات ويؤدي إلى ارتفاع أسعار المركبات. كما يمكن أن يفقد العمال في موردي قطع غيار السيارات وظائفهم.


ووفقا لمؤسسةجولدمان ساكس فإنه من شأن الإضراب الواسع النطاق أن يقتطع ما بين 0.05 و0.1 نقطة مئوية من النمو الاقتصادي السنوي لكل أسبوع يستمر.

ورأت وول ستريت جورنال أنه من خلال تعطيل المصانع، يؤدي الإضراب أيضا إلى تأجيل التعافي الكامل لقطاع السيارات من اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن جائحة كورونا /كوفيد -19/، ليعود إنتاج السيارات المحلي إلى ما كان عليه قبل الجائحة. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي الإضراب إلى انخفاض الإنتاج ودفع الأسعار إلى الارتفاع مرة أخرى.
ونقلت الصحيفة عن غابي إيرليك، الخبير الاقتصادي في جامعة ميشيغان قوله: لا أتوقع أن يؤدي الإضراب في حد ذاته إلى دفع الاقتصاد الوطني إلى الركود، ولكن هناك مطبات أخرى قادمة، إذا جمعت كل هذه الأمور معا، يبدو أن الربع الرابع قد يكون مليئا بالعقبات حتى نهاية العام الحالي.

وذكرت أن الإغلاق الجزئي للحكومة قد تكون الصدمة التالية، حيث أنه أمام الكونغرس مهلة حتى نهاية سبتمبر الجاري، للموافقة على تمويل الحكومة، مشيرة إلى أنه وحتى الآن فإن مواقف المشرعين متباعدة.
وعادت للواجهة المخاوف من الإغلاق الفيدرالي في الولايات المتحدة كما وقع في العام 2019، إبان حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، بسبب عدم الاتفاق على مشروع قانون للتمويل المؤقت.

وقبل أسبوع واحد من نفاد أموال الحكومة الاتحادية، لم تظهر أي علامة على التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المختلفة في صفوف الجمهوريين بالكونغرس لإقرار مشروع قانون للتمويل المؤقت، الأمر الذي يؤدي إلى إغلاق العديد من مؤسسات الدولة.
ولم ينته الكونغرس من أي من مشروعات قوانين الإنفاق العادية البالغ عددها 12، لتمويل برامج الوكالات الاتحادية في السنة المالية التي تبدأ مطلع أكتوبر القادم.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أنه إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق، فسيتم منح إجازة لجميع العاملين باستثناء العاملين الأساسيين في الحكومة، وربما يصل عددهم إلى 800 ألف على مستوى البلاد. ومن المرجح أن ينفق هؤلاء العمال أقل أثناء الإغلاق وستشتري الحكومة مؤقتا عددا أقل من السلع والخدمات.
ونقلت الصحيفة عن مكتب الميزانية بالكونغرس أنه في ديسمبر 2018، تسببت مواجهة مماثلة في إغلاق جزئي لمدة خمسة أسابيع، قامت فيه الحكومة بتمويل بعض الوكالات دون غيرها. وتم منح إجازة لما يقرب من 300 ألف عامل فيدرالي. وقلصت 0.1 بالمئة من الناتج الاقتصادي في الربع الرابع من عام 2018، و0.2 بالمئة في الربع الأول من عام 2019.

تم تعويض معظم هذا النشاط الاقتصادي المفقود في وقت لاحق، عندما أعيد فتح الحكومة وتلقى العمال الفيدراليون رواتبهم المتأخرة، وفقا لمكتب الميزانية في الكونغرس.
كما استعرضت الصحيفة عقبة أخرى تواجه الاقتصاد الأمريكي، والتي تتمثل في استئناف مدفوعات القروض الطلابية الفيدرالية في الأول من أكتوبر. ونقلت عن تقديرات لمختصين أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تحويل ما يقرب من 100 مليار دولار من جيوب الأمريكيين خلال العام القادم.

وأضافت أنه ستكون هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها العديد من المقترضين بسداد المدفوعات منذ مارس 2020، عندما أوقفتها وزارة التعليم في الولايات المتحدة مؤقتا للمساعدة في تخفيف الآثار المالية لجائحة كورونا. مبينة أن المدفوعات الشهرية لعشرات الملايين من مقترضي القروض الطلابية تتراوح في المتوسط بين 200 و300 دولار للشخص الواحد.
كما تطرقت الصحيفة للعقبة الرابعة، حيث نقلت عن بيانات من وزارة العمل الأمريكية أن ارتفاع أسعار البنزين من الضغوطات. وتراوحت أسعار خام برنت فوق 90 دولارا للبرميل خلال الأيام القليلة الماضية، مرتفعة بذلك بما يزيد قليلا عن 70 دولارا هذا الصيف. وعلت أسعار البنزين بنسبة 10.6 بالمئة في أغسطس مقارنة بالشهر السابق، وهي أكبر زيادة في شهر واحد منذ يونيو 2022.

وأشارت إلى أن ذلك أدى إلى ارتفاع معدل التضخم الاستهلاكي للشهر الثاني على التوالي، بعد اتجاهه نحو الانخفاض في العام الماضي.
واختتمت وول ستريت جورنال برد لجيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الأمريكي عندما سئل يوم الأربعاء الماضي، عن العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على الاقتصاد، قائلا “إنه الإضراب، إنه إغلاق الحكومة، واستئناف مدفوعات القروض الطلابية، وارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، وصدمة أسعار النفط”.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون