زلزال المغرب.. دمار واسع وتضامن عالمي للمساعدة بجهود الإنقاذ

من دون سابق إنذار فوجئ آلاف الأبرياء، بزلزال مدمر ضرب المغرب ليل الجمعة، وبلغت قوته نحو سبع درجات على مقياس ريختر وعلى عمق 8 كيلومترات، مما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من أربعة آلاف شخص حتى الآن، وفق أحدث البيانات الرسمية، وسط خشية من ارتفاع الأعداد بمرور الأيام.

وتواصل فرق الإنقاذ بذل الجهود الحثيثة للعثور على ناجين، من بين أنقاض المنازل المنهارة في القرى الجبلية النائية في المغرب، حيث وقع الزلزال المدمر، وسارعت العديد من الدول والمنظمات الدولية لإعلان تضامنها الواسع واستعدادها، لإرسال طواقم مساعدة تدعم الجهود المحلية.

وتركز الزلزال في إقليم الحوز جنوب غربي مدينة مراكش وإقليم تارودانت، حيث انقطعت كثير من الطرق وسقط أغلب الضحايا وتضررت مبان أثرية ودمرت قرى بأكملها بحسب ما نقلته وزارة الداخلية، فضلا عن أضرار واسعة بأقاليم شيشاوة وورزازات وأزيلال وأغادير إداوتنان وصولا إلى الدار البيضاء الكبرى واليوسفية، مع خشية الجهات المسؤولة من هزات ارتدادية محتملة في الأسابيع المقبلة قد تزيد من أعداد الضحايا وفق المركز الوطني المغربي للجيوفيزياء.

وزادت الجغرافية الجبلية الوعرة لمناطق جبال الأطلس الكبير التي تمتد حوالي 2300 كيلومتر، عبر المغرب والجزائر وتونس من التحديات، إذ ملأت الحجارة المتساقطة الشوارع الضيقة جراء الانهيارات الأرضية وعرقلت تحركات العمال والفرق الشعبية المساندة، وزادت من صعوبة عمل طواقم الإنقاذ وتعطيل وصول الآليات المختصة، في ظل الافتقار للآليات المتخصصة، حيث تحولت العديد من حدائق المدينة والساحات العامة ومواقف السيارات إلى معسكرات وسط الدمار والخوف من الهزات الارتدادية، وتم نقل المصابين من الأماكن القريبة من مركز الزلزال إلى مستشفيات المدينة، حيث قام المسعفون بفرز العديد من المرضى في الهواء الطلق.

وأعلن الديوان الملكي المغربي عن حداد وطني وتنكيس للأعلام مع تعليمات بتسريع عمليات البحث عن ناجين وإجلاء الجرحى وإيواء السكان غير القادرين على العودة لمنازلهم في المناطق المتضررة، والتكفل الفوري بالمواطنين الذين أصبحوا دون مأوى ويبيتون في العراء وتوزيع المساعدة على المنكوبين، في ظل الحاجة الملحة للعلاج والماء والغذاء والخيام وفقا للهلال الأحمر المغربي.

وقد نشرت القوات المسلحة المغربية وحدات تدخل متخصصة تشمل فرق بحث وإنقاذ ومستشفى ميدانيا في المناطق المتضررة، في وقت دعت فيه السلطات الصحية في مراكش للتبرع بالدم، في ظل ارتفاع أعداد الجرحى والمصابين وخصوصا الحالات الحرجة، بينما يقول نائب عمدة مدينة مراكش أقرب المدن لبؤرة الزلزال إن الفرق المختصة تحاول تقييم الإجراءات المتاحة لتحديد مدى احتمالية عودة السكان.

على المستوى الدولي، أعرب العديد من رؤساء الدول والمسؤولين عبر العالم عن تعازيهم العميقة، وأكدت عدة دول تكاتفها الكبير مع المغرب، ووجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإرسال فرق إنقاذ ومساعدات طبية عاجلة إلى المملكة المغربية الشقيقة، وذلك لدعم جهود الإغاثة جراء الزلزال الذي ضرب عدة مدن وأقاليم مغربية.

أما الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فأكد تضامنه مع الشعب المغربي، ودعم بلاده لمساعدة المغرب في هذه الكارثة الإنسانية.

ومن جهته أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن حزنه العميق جراء الخسائر في الأرواح والدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب المغرب، وأكد أن إدارته مستعدة “لتقديم كل الدعم اللازم للشعب المغربي”، مضيفا أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب المغرب في هذا الظرف العصيب.

ومن جانبه، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إنه “صدم” لدى علمه بوقوع زلزال قوي في المغرب مخلفا العديد من الضحايا وأضرارا مادية، معربا باسم حكومة وشعب الصين عن حزنه العميق وخالص تعازيه لأسر الضحايا.

ومن جهته قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان إنه شعر بحزن عميق فور علمه بالزلزال وسقوط العديد من الضحايا، وأكد غوتيريش أن الأمم المتحدة ستدعم المغرب في جهوده الإغاثية لدعم السكان المتضررين.

كما أعلنت الجزائر فتح مجالها الجوي مع المغرب أمام الرحلات لنقل المساعدات الإنسانية والجرحى والمصابين، وذلك عقب الزلزال العنيف، وذكر بيان للرئاسة الجزائرية، الاستعداد التام لتقديم المساعدات الإنسانية إلى المغرب، ووضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية، للحد من أثار الزلزال العنيف الذي ضرب بعض مناطق المملكة المغربية.

وأعرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن تعازيه ومواساته لحكومة وشعب المغرب، إثر الزلزال الذي ضرب عددا من الأقاليم والمناطق بالمغرب وأدى إلى سقوط مئات القتلى والمصابين. وقدم السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في بيان، خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا في هذا المصاب الجلل، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين والعثور على المفقودين العالقين.

كما أكدت منظمة التعاون الإسلامي، تضامنها ووقوفها إلى جانب المغرب في مواجهة آثار الزلزال المدمر الذي خلف مئات القتلى والجرحى. وعبر حسين إبراهيم طه الأمين العام للمنظمة، عن أحر التعازي وصادق المواساة للمملكة المغربية، والتعاطف مع أسر ضحايا الزلزال، راجيا من الله عز وجل الرحمة للضحايا، والشفاء العاجل للمصابين.. مؤكدا تضامن المنظمة ووقوفها إلى جانب المغرب لتجاوز هذه المحنة الإنسانية.

كما عبر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد عن “ألمه الشديد” وقدم تعازيه للشعب المغربي على إثر هذا الزلزال، الذي خلف عواقب وخيمة.

بدوره، أكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، نيابة عن الدول الأعضاء بالاتحاد، استعداد دول الاتحاد للمساعدة بأي طريقة، معربا عن تضامنها مع المغرب، كما قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الوقوف دقيقة صمت في كل المباريات حتى الـ21 من سبتمبر، حدادا على ضحايا زلزال المغرب.

وعرض البنك الدولي تقديم الدعم الكامل للمغرب في أعقاب هذه الكارثة، أما مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فقالت إنها على اتصال وثيق مع المسؤولين المغاربة، ومستعدون لتقديم المساعدة.

وإذ يقول المركز الوطني المغربي للجيوفيزياء، إن الزلزال هو الأعنف منذ قرن، فإن هيئة المسح الجيولوجي الامريكية أشارت إلى أن المنطقة لم تشهد زلازل بهذا المستوى منذ 500 عام، وبشأن التفسير العلمي للزلزال، يقول رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب هاني لحسن إن إقليم الحوز جنوب غربي مدينة مراكش منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي الضعيف، سواء من حيث العدد أو من حيث القوة، وغالبا لم تتجاوز الزلازل المسجلة في المنطقة 5 درجات على سلم ريختر، وبالتالي فهي ليست مرشحة من الناحية التاريخية لتعرف زلزال بهذا الحجم والقوة، لكن عمق الزلزال 8 كيلومترات، وهو مستوى قريب من السطح، أسهم في زيادة قوة الزلزال مقارنة بزلازل سابقة وقعت على عمق 30 كيلومترا مثلا، مشيرا إلى أن النشاط الزلزالي في المغرب هو ناتج أساسا عن تصادم الصفائح التكتونية الأفريقية والأوروآسيوية.

ويشير رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب إلى وجود قانون للبناء المضاد للزلازل تشرف على تطبيقه منذ سنوات الحكومة، ولكنه مطبق على المجال الحضري فقط، وبالتالي فإن المشكلة هو أنه لا يشمل المناطق القروية، ما يفسر لما معظم المباني المدمرة في الزلزال تقع في مناطق ريفية، ويضيف أن الحكومة تعد مشروع قانون يهدف إلى ضبط البناء في المناطق الريفية، بحيث يلتزم ببعض المعايير المرتبطة بالبناء المقاوم للزلازل.

ويعد الزلزال الأخير الذي ضرب المغرب ليل الجمعة وأسفر عن سقوط 2012 قتيلا على الأقل، هو الحلقة الأخيرة في قصة المغرب مع الزلازل والتي بدأت منذ زمن بعيد نظرا لوقوع البلاد في منطقة عدم استقرار زلزالي.

وفي استعراض لأبرز الزلازل التي شهدها المغرب عبر التاريخ، فقد ضرب زلزال عنيف عام 818 المنطقة المحيطة بجبل طارق، وفي عام 1079 ضرب زلزالان قويان البلاد، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا ووقوع أضرار مادية كبيرة، كما دمر زلزال قوي عام 1624 مناطق واسعة من مدن تازة وفاس ومكناس شمال البلاد، أما في العام 1660 فاستهدف زلزال عنيف مدينة مليلية مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، ثم شهدت الأعوام 1910 و1927و1994و2004 تعرض منطقة الحسيمة لزلازل خلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة.

وفي عام 1960 ضرب زلزال يعد الأعنف في تاريخ البلاد، مدينة أغادير، مما أسفر عن مقتل 15 ألف شخص، بما يعادل ثلث سكان المدينة، فضلا عن تشريد عشرات الآلاف ووقوع خسائر مادية جسيمة، وفي عام 1969 تأثر المغرب بزلزال قوي ضرب دولة البرتغال القريبة، مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 200 آخرين.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون