قمة “مجموعة العشرين” في نيودلهي أمام اختبار صعب وتحديات هائلة

تحت شعار “أرض واحدة.. عائلة واحدة.. مستقبل واحد”، تنطلق في مركز المؤتمرات في نيودلهي غدا السبت، أعمال القمة السنوية الثامنة عشرة لقادة دول مجموعة العشرين، في غياب الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ ، وهو ما يضعف الآمال بتوصل القمة إلى توافق في الآراء حول القضايا المطروحة على جدول الأعمال. وسيمثل الصين في القمة رئيس حكومتها لي تشيانغ، بينما سينوب عن الرئيس بوتين ، وزير خارجيته سيرغي لافروف.

وتعقد قمة العشرين في ظل إجراءات أمنية مشددة ، خاصة وأن قائمة المشاركين فيها ، تضم عددا من أبرز الشخصيات التي تستضيفها الهند في تاريخها، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وزعماء وقادة من السعودية واليابان وأستراليا وفرنسا وألمانيا، بالإضافة للأمين العام للأمم المتحدة والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي ورؤساء البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية.

وستناقش القمة حزمة قضايا عالمية ملحة، في ظل شكوك بشأن وحدة الكتلة حول ملفات خلافية، بينها الحرب الأوكرانية الروسية وتغير المناخ، كما ستركز القمة أيضا على موضوعات التنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقة وتغيير نظام الديون العالمي، والقروض المقدمة للدول النامية من المؤسسات متعددة الأطراف، إلى جانب قضايا أخرى مثل تنظيم العملات المشفرة.

وتأتي القمة في السنة التي أصبحت فيها الهند أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان متجاوزة الصين، وكذلك خامس أكبر اقتصاد في العالم، وستكون قمة مجموعة العشرين في نيودلهي تتويجا لجميع عمليات واجتماعات مجموعة العشرين التي عقدت على مدار العام بين الوزراء وكبار المسؤولين والمجتمعات المدنية، وينتظر اعتماد إعلان قادة مجموعة العشرين في ختام القمة، والذي ينص على التزام القادة بالأولويات التي تمت مناقشتها والاتفاق عليها خلال الاجتماعات الوزارية واجتماعات مجموعات العمل المعنية.

وتسعى الهند بصفتها الدولة التي ترأس القمة لعام 2023، لجعل رئاستها لمجموعة العشرين جسرا بين الاقتصادات العالمية الكبرى

واقتصادات الجنوب، وتعطي الأولوية لمصالح الجنوب العالمي، وفي بداية رئاستها لمجموعة العشرين، عقدت الهند قمة صوت الجنوب العالمي، التي حضرها قادة وممثلو أكثر من 125 دولة نامية.

ويعتزم الرئيس الأمريكي بايدن استغلال القمة لإثبات أنّ الكتلة تبقى المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي العالمي، على الرغم من انقساماتها، وأعلن البيت الأبيض أن بايدن سيتحدث مع بعض القادة بشكل منفرد عن معالجة تغير المناخ، والحرب في أوكرانيا، كما سيحث المنظمات العالمية مثل البنك الدولي على بذل المزيد من الجهود لمكافحة الفقر.

وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية الأسبوع الماضي عن خيبة أمله لأنه لن يرى خلال القمة نظيره الصيني، وذلك بعد أن زارت مجموعة من مسؤولي السياسة الخارجية والتجارة الأمريكية بكين في محاولة لإصلاح العلاقات المتدهورة بين أكبر اقتصادين في العالم، لكن الرئيس بايدن قد يظل قادرا على عقد اجتماع ثنائي مع الرئيس شي في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، في سان فرانسيسكو، في نوفمبر المقبل.



وتواجه العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين قائمة طويلة من المشاكل، بدءاً من النزاعات التجارية إلى مستقبل تايوان إلى الوجود الصيني الموسع في بحر الصين الجنوبي.



وقبيل قمة هذا العام، تبدو مجموعة العشرين منقسمة بشدة، خاصة بسبب الحرب الأوكرانية الروسية؛ إذ ترى الدول الغربية الحليفة لكييف أن إدانة موسكو أمر أساسي لإصدار بيان مشترك في ختام القمة، بينما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستمنع صدور إعلان ختامي للقمة إذا لم يتبنَّ موقف موسكو في ما يتعلق بأوكرانيا وأزمات أخرى.



لكن الهند المستضيفة للقمة تتخذ موقفا محايدا، وقال وزير الشؤون الخارجية الهندي، إس جايشانكار، إن الصراع الأوكراني، باعتباره قضية جيوسياسية، ليس من اختصاص مجموعة العشرين، بل من شأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ويرى المراقبون أن هذا الخلاف يجعل الوضع أكثر تعقيدا ويزيد الغموض بشأن احتمال صدور بيان ختامي من عدمه عن هذه القمة، وعقب اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين ورؤساء البنوك المركزية، في فبراير الماضي، لم يصدر عنهم بيان مشترك، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحا بالنسبة للقمة المرتقبة.



وذكرت تقارير إعلامية إن مجموعة العشرين وافقت على منح العضوية الدائمة للاتحاد الأفريقي، وسيتم إعلان القرار رسميا خلال قمة المجموعة، وستنقل هذه الخطوة الاتحاد الأفريقي، الذي يضم 55 دولة، من منظمة دولية مدعوة للانضمام إلى عضو دائم في المجموعة.



وأُنشئت مجموعة العشرين عام 1999 لمواجهة الاضطرابات في الأسواق المالية الدولية خلال الأزمة المالية الآسيوية، وهي تتألف من معظم الاقتصادات الكبرى في العالم، بما في ذلك الدول الصناعية، وتلعب دورا محوريا في الاقتصاد والتجارة الدوليين، وتجتمع سنويا في إحدى الدول الأعضاء، لمناقشة خطط الاقتصاد العالمي.



وقد توسع نطاق القضايا التي ناقشها زعماء مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة إلى ما هو أبعد من الاقتصاد، ليشمل قضايا مثل تغير المناخ، والطاقة المستدامة، والإعفاء من الديون الدولية، وفرض الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات.



وتمثل الدول الأعضاء في المجموعة أكثر من خمسة وثمانين بالمائة من إجمالي الناتج العالمي، وثلاثة أرباع التجارة العالمية، وتضم ما يقرب من ثلثي سكان الكرة الأرضية، ونحو ستين بالمائة من مساحة اليابسة في العالم.

أضف تعليق

Your email address will not be published.

آخر المقالات من عرب تريبيون